للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض ألفاظه وكيفيّات الحروف في أدائها. وتنوقل ذلك واشتهر إلى أن استقرّت منها سبع طرق معيّنة تواتر نقلها أيضا بأدائها واختصّت بالانتساب إلى من اشتهر بروايتها من الجمّ الغفير فصارت هذه القراءات السّبع أصولا للقراءة. وربّما زيد بعد ذلك قراءات أخر لحقت بالسّبع إلّا أنّها عند أئمة القراءة لا تقوى قوّتها في النّقل. وهذه القراءات السّبع معروفة في كتبها. وقد خالف بعض النّاس في تواتر طرقها لأنّها عندهم كيفيّات للأداء وهو غير منضبط. وليس ذلك عندهم بقادح في تواتر القرآن. وأباه الأكثر وقالوا بتواترها وقال آخرون بتواتر غير الأداء منها كالمدّ والتّسهيل [١] لعدم الوقوف على كيفيّته بالسّمع وهو الصّحيح. ولم يزل القرّاء يتداولون هذه القراءات وروايتها إلى أن كتبت العلوم ودوّنت فكتبت فيما كتب من العلوم وصارت صناعة مخصوصة وعلما منفردا وتناقله النّاس بالمشرق والأندلس في جيل بعد جيل. إلى أن ملك بشرق الأندلس مجاهد من موالي العامريّين وكان معتنيا بهذا الفنّ من بين فنون القرآن لمّا أخذه به مولاه المنصور بن أبي العامر واجتهد في تعليمه وعرضه على من كان من أئمّة القرّاء بحضرته فكان سهمه في ذلك وافرا. واختصّ مجاهد بعد ذلك بإمارة دانية والجزائر الشّرقيّة فنفقت بها سوق القراءة لما كان هو من أئمّتها وبما كان له من العناية بسائر العلوم عموما وبالقراءات خصوصا. فظهر لعهده أبو عمرو الدّانيّ وبلغ الغاية فيها ووقفت عليه معرفتها. وانتهت إلى روايته أسانيدها وتعدّدت تآليفه فيها. وعوّل النّاس عليها وعدلوا عن غيرها واعتمدوا من بينها كتاب التّيسير له. ثمّ ظهر بعد ذلك فيما يليه من العصور والأجيال أبو القاسم بن فيرّه [٢] من أهل شاطبة فعمد إلى تهذيب ما دوّنه أبو عمرو وتلخيصه فنظم ذلك كلّه في قصيدة لغز فيها أسماء القرّاء بحروف (أب ج د) ترتيبا أحكمه ليتيسّر


[١] وفي نسخة أخرى: والتمهيل.
[٢] ورد ذكره في كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي وهو القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعينيّ أبو محمد الشاطبي إمام القراء وكان ضريرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>