خطّ الاستواء ومن جهة الشّمال إلى خطّ كرويّ ووراءه الجبال الفاصلة بينه وبين الماء العنصريّ الّذي بينهما سدّ يأجوج ومأجوج وهذه الجبال مائلة إلى جهة المشرق وينتهي من المشرق والمغرب إلى عنصر الماء أيضا بقطعتين من الدّائرة المحيطة وهذا المنكشف من الأرض قالوا هو مقدار النّصف من الكرة أو أقلّ والمعمور منه مقدار ربعه وهو المنقسم بالأقاليم السّبعة وخطّ الاستواء يقسم الأرض بنصفين من المغرب إلى المشرق وهو طول الأرض وأكبر خطّ في كرتها كما أنّ منطقة فلك البروج ودائرة معدّل النّهار أكبر خطّ في الفلك ومنطقة البروج منقسمة بثلاثمائة وستّين درجة والدّرجة من مسافة الأرض خمسة وعشرون فرسخا والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع والذّراع أربعة وعشرون إصبعا والإصبع ستّ حبّات شعير مصفوفة ملصق بعضها إلى بعض ظهرا لبطن وبين دائرة معدّل النّهار الّتي تقسم الفلك بنصفين وتسامت خطّ الاستواء من الأرض وبين كلّ واحد من القطبين تسعون درجة لكنّ العمارة في الجهة الشّماليّة من خطّ الاستواء أربع وستّون درجة والباقي منها خلاء لا عمارة فيه لشدّة البرد والجمود كما كانت الجهة الجنوبيّة خلاء كلّها لشدّة الحرّ كما نبيّن ذلك كلّه إن شاء الله تعالى. ثمّ إنّ المخبرين عن هذا المعمور وحدوده وعمّا فيه من الأمصار والمدن والجبال والبحار والأنهار والقفار والرّمال مثل بطليموس في كتاب الجغرافيا وصاحب كتاب زخّار [١] من بعده قسموا هذا المعمور بسبعة أقسام يسمّونها الأقاليم السّبعة بحدود وهميّة بين المشرق والمغرب متساوية في العرض مختلفة في الطّول فالإقليم الأوّل أطول ممّا بعده وهكذا الثّاني إلى آخرها فيكون السّابع أقصر لما اقتضاه وضع
[١] وردت في بعض النسخ روجار وهو الصحيح وروجار هو ملك صقلّيّة وقد ألف له الشريف الادريسي كتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» وقد طاف الادريسي في بلاد الروم واليونان ومصر والمغرب وفرنسا وجزيرة بريطانيا وقد دعاه الملك روجار إلى زيارة صقلّيّة فرسم له ما عاينه من البلاد على كرة من فضة. وقد ازدهرت العلوم في أيام الملك روجار لاحتكاك الثقافتين العربية واليونانية في بلاده (قاموس) .