للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهيّة وغيرهم فإنّه لمّا كان باب المناظرة في الرّدّ والقبول متّسعا وكلّ واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانه في الاحتجاج. ومنه ما يكون صوابا ومنه ما يكون خطأ فاحتاج الأئمّة إلى أن يضعوا آدابا وأحكاما يقف المتناظران عند حدودها في الرّدّ والقبول وكيف يكون حال المستدلّ والمجيب وحيث يسوغ له أن يكون مستدلا وكيف يكون مخصوصا [١] منقطعا ومحلّ اعتراضه أو معارضته وأين يجب عليه السّكوت ولخصمه الكلام والاستدلال.

ولذلك قيل فيه إنّه معرفة بالقواعد من الحدود والآداب في الاستدلال الّتي يتوصّل بها إلى حفظ رأي وهدمه سواء كان ذلك الرّأي من الفقه أو غيره. وهي طريقتان طريقة البزدويّ وهي خاصّة بالأدلّة الشّرعيّة من النّصّ والإجماع والاستدلال وطريقة العميديّ وهي عامّة في كلّ دليل يستدلّ به من أيّ علم كان وأكثره استدلال. وهو من المناحي الحسنة والمغالطات فيه في نفس الأمر كثيرة. وإذا اعتبرنا النّظر المنطقيّ كان في الغالب أشبه بالقياس المغالطيّ والسّوفسطائيّ.

إلّا أنّ صور الأدلّة والأقيسة فيه محفوظة مراعاة يتحرّى فيها طرق الاستدلال كما ينبغي. وهذا العميديّ هو أوّل من كتب فيها ونسبت الطّريقة إليه. وضع الكتاب المسمّى بالإرشاد مختصرا وتبعه من بعده من المتأخّرين كالنّسفيّ وغيره جاءوا على أثره وسلكوا مسلكه وكثرت في الطّريقة التّآليف. وهي لهذا العهد مهجورة لنقص العلم والتّعليم في الأمصار الإسلاميّة. وهي مع ذلك كماليّة وليست ضروريّة والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التّوفيق.


[١] وفي نسخة أخرى: مخصوصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>