للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوقين وإلّا لما صحّ أنّه خالق لهم لعدم الفارق على هذا التّقدير ثمّ تنزيهه عن صفات النّقص وإلّا لشابه المخلوقين ثمّ توحيده بالاتّحاد وإلّا لم يتمّ الخلق للتّمانع ثمّ اعتقاد أنّه عالم قادر فبذلك تتمّ الأفعال شاهد قضيّته لكمال الاتّحاد [١] والخلق ومريد وإلّا لم يخصص شيء من المخلوقات ومقدّر لكلّ كائن وإلّا فالإرادة حادثة. وأنّه يعيدنا بعد الموت تكميلا لعنايته بالإيجاد ولو كان لأمر فإن [٢] كان عبثا فهو للبقاء السّرمديّ بعد الموت. ثمّ اعتقاد بعثة الرّسل للنّجاة من شقاء هذا المعاد لاختلاف أحواله بالشّقاء والسّعادة وعدم معرفتنا بذلك وتمام لطفه بنا في الإيتاء [٣] بذلك وبيان الطّريقين. وأنّ الجنّة للنّعيم وجهنّم للعذاب. هذه أمّهات العقائد الإيمانيّة معلّلة بأدلّتها العقليّة وأدلّتها من الكتاب والسّنّة كثيرة.

وعن تلك الأدلّة أخذها السّلف وأرشد إليها العلماء وحقّقها الأئمّة إلّا أنّه عرض بعد ذلك خلاف في تفاصيل هذه العقائد أكثر مثارها من الآي المتشابهة فدعا ذلك إلى الخصام والتّناظر والاستدلال بالعقل وزيادة إلى النّقل. فحدث بذلك علم الكلام. ولنبيّن لك تفصيل هذا المجمل. وذلك أنّ القرآن ورد فيه وصف المعبود بالتّنزيه المطلق الظّاهر الدّلالة من غير تأويل في آي كثيرة وهي سلوب [٤] كلّها وصريحة في بابها فوجب الإيمان بها. ووقع في كلام الشّارع صلوات الله عليه وكلام الصّحابة والتّابعين تفسيرها على ظاهرها. ثمّ وردت في القرآن آي أخرى قليلة توهم التّشبيه مرّة في الذات وأخرى في الصّفات. فأمّا السلف فغلبوا أدلّة التنزيه لكثرتها ووضوح دلالتها، وعلموا استحالة التشبيه. وقضوا بأنّ الآيات من كلام الله فآمنوا بها ولم يتعرّضوا لمعناها ببحث ولا تأويل. وهذا معنى قول


[١] وفي نسخة أخرى: الإيجاد.
[٢] وفي نسخة أخرى: ولو كان للغناء الصرف.
[٣] وفي نسخة أخرى: الإنباء.
[٤] السلوب من النوق: التي القت ولدها لغير تمام. وظبيه سلوب وسلب أي سلبت ولدها (لسان العرب) وهنا بمعنى ينقصها التأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>