للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشريّ فقط. ولا وجود بالحقيقة إلّا للقديم، لا في الظاهر ولا في الباطن كما نقرّره بعد، بحسب الإمكان. والتعويل في تعقل ذلك على النظر والاستدلال، كما في المدارك البشريّة، غير مفيد، لأنّ ذلك إنّما ينقل من المدارك الملكيّة، وإنّما هي حاصلة للأنبياء بالفطرة ومن بعدهم للأولياء بهدايتهم. وقصد من يقصد الحصول عليها بالطريقة العلميّة ضلال. وربّما قصد بعض المصنّفين ذلك في كشف الموجودات وترتيب حقائقه على طريق أهل المظاهر فأتى بالأغمض فالأغمض.

وربّما قصد بعض المصنّفين بيان مذهبهم في كشف الوجود وترتيب حقائقه فأتى بالأغمض فالأغمض بالنّسبة إلى أهل النّظر والاصطلاحات والعلوم كما فعل الفرغانيّ شارح قصيدة ابن الفارض في الدّيباجة الّتي كتبها في صدر ذلك الشّرح فإنّه ذكر في صدور الوجود عن الفاعل وترتيبه أنّ الوجود كلّه صادر عن صفة الوحدانيّة الّتي هي مظهر [١] الأحديّة وهما معا صادران عن الذّات الكريمة الّتي هي عين الوحدة لا غير. ويسمّون هذا الصّدور بالتّجلّي. وأوّل مراتب التّجليّات عندهم تجلّي الذّات على نفسه وهو يتضمّن الكمال بإفاضة الإيجاد والظّهور لقوله في الحديث الّذي يتناقلونه: «كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني» وهذا الكمال في الإيجاد المتنزّل [٢] في الوجود وتفصيل الحقائق وهو عندهم عالم المعاني والحضرة الكماليّة [٣] والحقيقة المحمّديّة وفيها حقائق الصّفات واللّوح والقلم وحقائق الأنبياء والرّسل أجمعين والكمّل من أهل الملّة المحمّديّة. وهذا كلّه تفصيل الحقيقة المحمّديّة. ويصدر عن هذه الحقائق حقائق أخرى في الحضرة الهبائيّة وهي مرتبة المثال ثمّ عنها العرش ثمّ الكرسيّ ثمّ الأفلاك، ثمّ عالم العناصر، ثمّ عالم التّركيب. هذا في عالم الرّتق فإذا تجلّت فهي


[١] وفي النسخة الباريسية: مصدر.
[٢] وفي نسخة أخرى: المشترك.
[٣] وفي نسخة أخرى: والحضرة العماديّة وفي النسخة الباريسية: والحضرة العمائية.

<<  <  ج: ص:  >  >>