للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الّذي فيه صلاح دنيانا وما لا يهمّنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر أو نوع ضرر كالسّحر الحاصل ضرره بالوقوع ويلحق به الطّلسمات لأنّ أثرهما واحد وكالنّجامة الّتي فيها نوع ضرر باعتقاد التّأثير فتفسد العقيدة الإيمانيّة بردّ الأمور إلى غير الله فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضّرر. وإن لم يكن مهمّا علينا ولا فيه ضرر فلا أقلّ من تركه قربة إلى الله فإنّ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. فجعلت الشّريعة باب السّحر والطّلسمات والشّعوذة بابا واحدا لما فيها من الضّرر وخصّته بالحظر والتّحريم.

وأمّا الفرق عندهم بين المعجزة والسّحر فالّذي ذكره المتكلّمون أنّه راجع إلى التّحدّي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادّعاه. قالوا: والسّاحر مصروف عن مثل هذا التّحدّي فلا يقع منه. ووقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأنّ دلالة المعجزة على الصّدق عقليّة لأنّ صفة نفسها التّصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصّادق كاذبا وهو محال فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق. وأمّا الحكماء فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بين الخير والشّرّ في نهاية الطّرفين. فالسّاحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشّرّ ولا يستعمل في أسباب الشّرّ وكأنّهما على طرفي النّقيض في أصل فطرتهما. والله يهدي من يشاء وهو القويّ العزيز لا ربّ سواه ومن قبيل هذه التّأثيرات النّفسيّة الإصابة بالعين وهو تأثير من نفس المعيان عند ما يستحسن بعينه مدركا من الذّوات أو الأحوال ويفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حسد يروم معه سلب ذلك الشّيء عمّن اتّصف به فيؤثّر فساده. وهو جبلّة فطريّة أعني هذه الإصابة بالعين. والفرق بينها وبين التّأثيرات النفسانيّة أنّ صدوره فطريّ جبلي لا يتخلّف ولا يرجع اختيار صاحبه ولا يكتسبه. وسائر التّأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب فصدورها راجع إلى اختيار فاعلها والفطريّ منها قوّة صدورها ولهذا قالوا: القاتل بالسّحر أو بالكرامة

<<  <  ج: ص:  >  >>