الطبيعة لذلك طائعة غير مستعصية، ولا يحتاج إلى مدد من القوى الفلكيّة ولا غيرها، لأنّ مدده أعلى منها.
ويحتاج أهل الطّلسمات إلى قليل من الرّياضة تفيد النفس قوّة على استنزال روحانيّة الأفلاك. وأهون بها وجهة ورياضة. بخلاف أهل الأسماء فإنّ رياضتهم هي الرياضة الكبرى، وليست لقصد التصرّف في الأكوان إذ هو حجاب. وإنّما التصرّف حاصل لهم بالعرض، كرامة من كرامات الله لهم. فإن خلا صاحب الأسماء عن معرفة أسرار الله وحقائق الملكوت، الّذي هو نتيجة المشاهدة والكشف، واقتصر على مناسبات الأسماء وطبائع الحروف والكلمات، وتصرّف بها من هذه الحيثيّة وهؤلاء هم أهل السيمياء في المشهور- كأنّ إذا لا فرق بينه وبين صاحب الطّلسمات، بل صاحب الطّلسمات أوثق منه لأنّه يرجع إلى أصول طبيعيّة علميّة وقوانين مرتّبة. وأمّا صاحب أسرار الأسماء إذا فاته الكشف الّذي يطّلع به على حقائق الكلمات وآثار المناسبات بفوات الخلوص في الوجهة، وليس له في العلوم الاصطلاحيّة قانون برهانيّ يعوّل عليه يكون حاله أضعف رتبة. وقد يمزج صاحب الأسماء قوى الكلمات والأسماء بقوى الكواكب، فيعيّن لذكر الأسماء الحسنى، أو ما يرسم من أوفاقها، بل ولسائر الأسماء، أوقاتا تكون من حظوظ الكواكب الّذي يناسب ذلك الاسم، كما فعله البونيّ في كتابه الّذي سمّاه الأنماط. وهذه المناسبة عندهم هي من لدن الحضرة العمائيّة. وهي برزخيّة الكمال الأسمائيّ، وإنّما تنزّل تفصيلها في الحقائق على ما هي عليه من المناسبة.
وإثبات هذه المناسبة عندهم إنّما هو بحكم المشاهدة. فإذا خلا صاحب الأسماء عن تلك المشاهدة، وتلقّى تلك المناسبة تقليدا، كأنّ عمله بمثابة عمل صاحب الطّلسم، بل هو أوثق منه كما قلناه. وكذلك قد يمزج أيضا صاحب الطّلسمات عمله وقوى كواكبه بقوى الدعوات المؤلّفة من الكلمات المخصوصة لمناسبة بين الكلمات والكواكب، إلّا أنّ مناسبة الكلمات عندهم ليست كما هي عند أصحاب