الفلسفة، أعني السّيميا وأختها، ويرفع له حجاب المجهولات ويطّلع بذلك على مكنون خبايا القلوب. وقد شهدت جماعة بأرض المغرب، ممّن اتّصل بذلك، فأظهر الغرائب وخرق العوائد وتصرّف في الوجود بتأييد الله.
واعلم أنّ ملاك كلّ فضيلة الاجتهاد وحسن الملكة مع الصّبر، مفتاح كلّ خير، كما أنّ الخرق والعجلة رأس الحرمان، فأقول: إذا أردت أن تعلم قوّة كلّ حرف من حروف الفابيطوس أعني أبجد إلى آخر العدد، وهذا أوّل مدخل من علم الحروف، فانظر ما لذلك الحرف من الأعداد، فتلك الدرجة الّتي هي مناسبة للحرف هي قوّته في الجسمانيّات. ثمّ اضرب العدد في مثله تخرج لك قوّته في الرّوحانيّات وهي وتره. وهذا في الحروف المنقوطة لا يتمّ بل يتمّ لغير المنقوطة، لأنّ المنقوطة منها مراتب لمعان يأتي عليها البيان فيما بعد.
واعلم أنّ لكلّ شكل من أشكال الحروف شكلا في العالم العلويّ أعني الكرسيّ، ومنها المتحرّك والسّاكن والعلويّ والسّفليّ كما هو مرقوم في أماكنه من الجداول الموضوعة في الزيارج.
واعلم أنّ قوى الحروف ثلاثة أقسام: الأوّل وهو أقلّها قوّة تظهر بعد كتابتها، فتكون كتابته لعالم روحانيّ مخصوص بذلك الحرف المرسوم، فمتى خرج ذلك الحرف بقوّة نفسانيّة وجمع همّة كانت قوى الحروف مؤثرة في عالم الأجسام. الثاني قوّتها في الهيئة الفكريّة وذلك ما يصدر عن تصريف الرّوحانيّات لها، فهي قوّة في الرّوحانيّات العلويّات، وقوّة شكليّة في عالم الجسمانيّات. الثالث وهو يجمع الباطن، أعني القوّة النفسانيّة على تكوينه، فتكون قبل النطق به صورة في النفس، بعد النطق به صورة في الحروف وقوّة في النطق.
وأمّا طبائعها فهي الطبيعيّات المنسوبة للمتولّدات في الحروف وهي الحرارة