بالاستعداد القريب من الفعل مثل الرّصاص والقصدير والنّحاس بعد أن يحمى بالنار فيعود ذهبا إبريزا. ويكنون عن ذلك الإكسير إذا ألغزوا في اصطلاحاتهم بالرّوح وعن الجسم الّذي يلقى عليه بالجسد. فشرح هذه الاصطلاحات وصورة هذا العمل الصّناعيّ الّذي يقلب هذه الأجساد المستعدّة إلى صورة الذّهب والفضّة هو علم الكيمياء. وما زال النّاس يؤلّفون فيها قديما وحديثا. وربّما يعزى الكلام فيها إلى من ليس من أهلها. وإمام المدوّنين فيها جابر بن حيّان حتّى إنّهم يخصّونها به فيسمّونها علم جابر وله فيها سبعون رسالة كلّها شبيهة بالألغاز.
وزعموا أنّه لا يفتح مقفلها إلّا من أحاط علما بجميع ما فيها. والطّغراءيّ من حكماء المشرق المتأخّرين له فيها دواوين ومناظرات مع أهلها وغيرهم من الحكماء. وكتب فيها مسلمة المجريطيّ من حكماء الأندلس كتابه الّذي سمّاه رتبة الحكيم وجعله قرينا لكتابه الآخر في السّحر والطّلسمات الّذي سمّاه غاية الحكيم. وزعم أنّ هاتين الصّناعتين هما نتيجتان للحكمة وثمرتان للعلوم ومن لم يقف عليهما فهو فاقد ثمرة العلم والحكمة أجمع. وكلامه في ذلك الكتاب وكلامهم أجمع في تآليفهم هي ألغاز يتعذّر فهمها على من لم يعان اصطلاحاتهم في ذلك. ونحن نذكر سبب عدو لهم إلى هذه الرّموز والألغاز. ولابن المغيربيّ من أئمّة هذا الشّأن كلمات شعريّة على حروف المعجم من أبدع ما يجيء في الشّعر ملغوزة كلّها لغز الأحاجي والمعاياة فلا تكاد تفهم. وقد ينسبون للغزاليّ رحمه الله بعض التّآليف فيها وليس بصحيح لأنّ الرّجل لم تكن مداركه العالية لتقف عن خطإ ما يذهبون إليه حتّى ينتحله. وربّما نسبوا بعض المذاهب والأقوال فيها لخالد بن يزيد بن معاوية ربيب مروان بن الحكم ومن المعلوم البيّن أنّ خالدا من الجيل العربيّ والبداوة إليه أقرب فهو بعيد عن العلوم والصّنائع بالجملة فكيف له بصناعة غريبة المنحى مبنيّة على معرفة طبائع المركّبات وأمزجتها وكتب النّاظرين في ذلك من الطّبيعيّات والطّبّ لم تظهر بعد ولم تترجم اللهمّ إلّا أن