للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما فيه من معرفة حسبانات الكواكب في سيرها لتتعرّف به أوضاعها ولما أنّ اختصاص كلّ كوكب بقوّة لا دليل عليه. ومدرك بطليمس في إثبات القوى للكواكب الخمسة بقياسها إلى الشّمس مدرك ضعيف لأنّ قوّة الشّمس غالبة لجميع القوى من الكواكب ومستولية عليها فقلّ أن يشعر بالزّيادة فيها أو النّقصان منها عند المقارنة كما قال وهذه كلّها قادحة في تعريف الكائنات الواقعة في عالم العناصر بهذه الصّناعة. ثمّ إنّ تأثير الكواكب فيما تحتها باطل إذ قد تبيّن في باب التّوحيد أنّ لا فاعل إلّا الله بطريق استدلاليّ كما رأيته واحتجّ له أهل علم الكلام بما هو غنيّ عن البيان من أنّ إسناد الأسباب إلى المسبّبات مجهول الكيفيّة والعقل منهم على ما يقضى به فيما يظهر بادئ الرّأي من التّأثير فلعلّ استنادها على غير صورة التّأثير المتعارف. والقدرة الإلهيّة رابطة بينهما كما ربطت جميع الكائنات علوّا وسفلا سيّما والشّرع يردّ الحوادث كلّها إلى قدرة الله تعالى ويبرأ ممّا سوى ذلك. والنّبوءات أيضا منكرة لشأن النّجوم وتأثيراتها. واستقراء الشّرعيّات شاهد بذلك في مثل قوله: إنّ الشّمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته وفي قوله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي. فأمّا من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأمّا من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب الحديث الصّحيح. فقد بان لك بطلان هذه الصّناعة من طريق الشّرع وضعف مداركها مع ذلك من طريق العقل مع ما لها من المضارّ في العمران الإنسانيّ بما تبعث من عقائد العوامّ من الفساد إذا اتّفق الصّدق من أحكامها في بعض الأحايين اتّفاقا لا يرجع إلى تعليل ولا تحقيق فيلهج بذلك من لا معرفة له ويظنّ اطراد الصّدق في سائر أحكامها وليس كذلك. فيقع في ردّ الأشياء إلى غير خالقها. ثمّ ما ينشأ عنها كثيرا في الدّول من توقّع القواطع وما يبعث عليه ذلك التّوقّع من تطاول الأعداء والمتربّصين بالدّولة إلى الفتك والثّورة. وقد شاهدنا من ذلك كثيرا فينبغي أن تحظر هذه الصّناعة على جميع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>