المذهب المالكيّ بالكتب المدوّنة مثلا وما كتب عليها من الشّروحات الفقهيّة مثل كتاب ابن يونس واللّخميّ وابن بشير والتّنبيهات والمقدّمات والبيان والتّحصيل على العتبيّة وكذلك كتاب ابن الحاجب وما كتب عليه. ثمّ إنّه يحتاج إلى تمييز الطّريقة القيروانيّة من القرطبيّة والبغداديّة والمصريّة وطرق المتأخّرين عنهم والإحاطة بذلك كلّه وحينئذ يسلّم له منصب الفتيا وهي كلّها متكرّرة والمعنى واحد. والمتعلّم مطالب باستحضار جميعها وتمييز ما بينها والعمر ينقضي في واحد منها. ولو اقتصر المعلّمون بالمتعلّمين على المسائل المذهبيّة فقط لكان الأمر دون ذلك بكثير وكان التّعليم سهلا ومأخذه قريبا ولكنّه داء لا يرتفع لاستقرار العوائد عليه فصارت كالطبيعة الّتي لا يمكن نقلها ولا تحويلها ويمثّل أيضا علم العربيّة من كتاب سيبويه وجميع ما كتب عليه وطرق البصريّين والكوفيّين والبغداديّين والأندلسيّين من بعدهم وطرق المتقدّمين والمتأخّرين مثل ابن الحاجب وابن مالك وجميع ما كتب في ذلك كيف يطالب به المتعلّم وينقضي عمره دونه ولا يطمع أحد في الغاية منه إلّا في القليل النّادر مثل ما وصل إلينا بالمغرب لهذا العهد من تآليف رجل من أهل صناعة العربيّة من أهل مصر يعرف بابن هاشم ظهر من كلامه فيها أنّه استولى على غاية من ملكة تلك الصّناعة لم تحصل إلّا لسيبويه وابن جنّي وأهل طبقتهما لعظم ملكته وما أحاط به من أصول ذلك الفنّ وتفاريعه وحسن تصرّفه فيه. ودلّ على أنّ الفضل ليس منحصرا في المتقدّمين سيّما مع ما قدّمناه من كثرة الشّواغب بتعدّد المذاهب والطّرق والتّآليف ولكنّ فضل الله يؤتيه من يشاء. وهذا نادر من نوادر الوجود وإلّا فالظّاهر أنّ المتعلّم ولو قطع عمره في هذا كلّه فلا يفي له بتحصيل علم العربيّة مثلا الّذي هو آلة من الآلات ووسيلة فكيف يكون في المقصود الّذي هو الثّمرة؟ ولكنّ الله يهدي من يشاء