للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها من الأندلسيّين ابن سيده من أهل دانية في دولة عليّ بن مجاهد كتاب المحكم على ذلك المنحى من الاستيعاب وعلى نحو ترتيب كتاب العين. وزاد فيه التّعرض لاشتقاقات الكلم وتصاريفها فجاء من أحسن الدّواوين. ولخّصه محمّد بن أبي الحسين صاحب المستنصر من ملوك الدّولة الحفصيّة بتونس.

وقلب ترتيبه إلى ترتيب كتاب الصّحاح في اعتبار أواخر الكلم وبناء التّراجم عليها فكانا توأمي رحم وسليلي أبوّة ولكراع من أئمّة اللّغة كتاب المنجد، ولابن دريد كتاب الجمهرة ولابن الأنباريّ كتاب الزاهر هذه أصول كتب اللّغة فيما علمناه.

وهناك مختصرات أخرى مختصّة بصنف من الكلم ومستوعبة لبعض الأبواب أو لكلّها. إلّا أنّ وجه الحصر فيها خفيّ ووجه الحصر في تلك جليّ من قبل التّراكيب كما رأيت. ومن الكتب الموضوعة أيضا في اللّغة كتاب الزّمخشريّ في المجاز سمّاه أساس البلاغة بيّن فيه كلّ ما تجوّزت به العرب من الألفاظ وفيما تجوّزت به من المدلولات وهو كتاب شريف الإفادة. ثمّ لمّا كانت العرب تضع الشّيء على العموم ثمّ تستعمل في الأمور الخاصّة ألفاظا أخرى خاصّة بها فوق ذلك عندنا، وبيّن الوضع والاستعمال واحتاج إلى فقه في اللّغة عزيز المأخذ كما وضع الأبيض بالوضع العامّ لكلّ ما فيه بياض ثمّ اختصّ ما فيه بياض من الخيل بالأشهب ومن الإنسان بالأزهر ومن الغنم بالأملح حتّى صار استعمال الأبيض في هذه كلّها لحنا وخروجا عن لسان العرب. واختصّ بالتّأليف في هذا المنحى الثّعالبيّ وأفرده في كتاب له سمّاه فقه اللّغة وهو من أكد ما يأخذ به اللّغويّ نفسه أن يحرّف استعمال العرب عن مواضعه. فليس معرفة الوضع الأوّل بكاف في التّرتيب حتّى يشهد له استعمال العرب لذلك. وأكثر ما يحتاج إلى ذلك الأديب في فنّي نظمه ونثره حذرا من أن يكثر لحنه في الموضوعات اللّغويّة في مفرداتها وتراكيبها وهو أشدّ [١] من اللّحن في الإعراب وأفحش. وكذلك ألّف بعض المتأخّرين في الألفاظ


[١] وفي نسخة أخرى: أشرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>