النّحو. ويبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات المحتاجة للدّلالة أحوال المتخاطبين أو الفاعلين وما يقتضيه حال الفعل وهو محتاج إلى الدّلالة عليه لأنّه من تمام الإفادة وإذا حصلت للمتكلّم فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه. وإذا لم يشتمل على شيء منها فليس من جنس كلام العرب فإنّ كلامهم واسع ولكلّ مقام عندهم مقال يختصّ به بعد كمال الإعراب والإبانة. ألا ترى أنّ قولهم (زيد جاءني) مغاير لقولهم (جاءني زيد) من قبل أنّ المتقدّم منهما هو الأهمّ عند المتكلّم فمن قال: جاءني زيد أفاد أنّ اهتمامه بالمجيء قبل الشّخص المسند إليه، ومن قال: زيد جاءني أفاد أنّ اهتمامه بالشّخص قبل المجيء المسند.
وكذا التّعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصول أو مبهم أو معرفة.
وكذا تأكيد الإسناد على الجملة كقولهم: زيد قائم وإنّ زيدا قائم وإنّ زيدا لقائم متغايرة كلّها في الدّلالة وإن استوت من طريق الإعراب فإنّ الأوّل العاري عن التّأكيد إنّما يفيد الخالي الذّهن والثّاني المؤكّد بأنّ يفيد المتردّد والثّالث يفيد المنكر فهي مختلفة. وكذلك تقول: جاءني الرّجل ثمّ تقول مكانه بعينه جاءني رجل إذا قصدت بذلك التّنكير تعظيمه وأنّه رجل لا يعادله أحد من الرّجال. ثمّ الجملة الإسناديّة تكون خبريّة وهي الّتي لها خارج تطابقه أولا، وإنشائيّة وهي الّتي لا خارج لها. كالطّلب وأنواعه. ثمّ قد يتعيّن ترك العاطف بين الجملتين إذا كان للثّانية محلّ من الإعراب: فيشرك [١] بذلك منزلة التّابع المفرد نعتا وتوكيدا وبدلا بلا عطف أو يتعيّن العطف إذا لم يكن للثّانية محلّ من الإعراب:
ثمّ يقتضي المحلّ الإطناب والإيجاز فيورد الكلام عليهما. ثمّ قد يدلّ باللّفظ ولا يراد منطوقه ويراد لازمه إن كان مفردا كما تقول: زيد أسد فلا تريد حقيقة الأسد المنطوقة وإنّما تريد شجاعته اللّازمة وتسندها إلى زيد وتسمّى هذه استعارة. وقد تريد باللّفظ المركّب الدّلالة على ملزومه كما تقول: زيد كثير