يوسف عليه السلام في دعائه: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي من الْمُلْكِ ١٢: ١٠١. ولا دليل لهم في ذلك لأنّ كل من ملك شيئا ولو في خاصة نفسه فاستيلاؤه يسمى ملكا حتى البيت والفرس والخادم، فكيف من ملك التصرّف ولو كان في شعب واحد منها فهو ملك وقد كان العرب يسمّون أهل القرى والمدائن ملوكا، مثل هجر ومعان ودومة الجندل، فما ظنك بوزير مصر لذلك العهد وفي تلك الدولة، وقد كان في الخلافة العباسيّة تسمّى ولاة الأطراف وعمالها ملوكا، فلا استدلال لهم في هذه الصيغة. وأخرى أيضا فيما يستدلون به من قوله تعالى:«وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الْأَرْضِ ١٢: ٥٦» أن لا يكون لهم فيه مستند لأنّ التمكين يكون بغير الملك. ونص القرآن إنّما هو بولايته على أمور الزرع في جمعه وتفريقه كما قال تعالى:«اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ١٢: ٥٥» . ومساق القصة كلها أنه مرءوس في تلك الدولة بقرائن الحال كلها لا ما يتوهم من تلك اللفظة الواقعة في دعائه، فلا نعدل عن النص المحفوف بالقرائن إلى هذا المتوهم الضعيف.
وأيضا فالقصّة في التوراة قد وقعت صريحة في أنه لم يكن ملكا ولا صار اليه ملك.
وأيضا فالأمر الطبيعي من الشوكة والقطامة له يدفع أن يكون حصل له ملك، لأنه إنما كان في تلك الدولة قبل أن يأتي إليه إخوته منفردا لا يملك إلا نفسه ولا يتأتى الملك في هذا الحال وقد تقدّم ذلك في مقدمة الكتاب والله أعلم.
وأما عيصو بن إسحاق فسكن جبال بني يسعين من بني جوي، إحدى شعوب كنعان، وهي جبال الشراة بين تبوك وفلسطين وتعرف اليوم ببلاد كرك والشوبك، وكان من شعوبهم هناك على ما في التوراة بنو لوطان وبنو شوبال وبنو صمقون وبنو عنا وبنو ديشوق وبنو يصد وبنو ديسان سبعة شعوب. ومن بني ديشون الأشبان، فسكن عيصو بينهم بتلك البلاد، وتزوّج منهم من بنات عنا بن يسعين من جوى، وهي أهليقاما، وتزوّج أيضا من بنات حي من الكنعانيين عاذا بنت أيلول، وباسمت بنت إسماعيل عليه السلام. وكان له من الولد خمسة مذكورون في التوراة وأكبرهم أليفاز، بالفاء المفخمة وإشباع حركتها وزاي معجمة من بعدها، من عاذا بنت أيلول، ثم رعويل من باسمت بنت إسماعيل، ثم يعوض ويعلام وقورح من أهليقاما بنت عنا.
وولد أليفاز ستة من الولد ثيمال وأومار وصفو وكعتام وقتال وعمالق السادس، لسرّية اسمها تمتاع وهي شقيقة لوطان بن يسعين. وولد رعويل بن عيصو أربعة من الولد، ناحة وزيدم وشتما ومرّا. هكذا وقع ذكر ولد العيص وولدهم في التوراة، وفيها أنّ