من ذلك ونسبوهم إلى عملاق بن لاوذ كما مرّ. ثم بنو يروم وكنعان ولم يبق منهم عين تطرف والله الباقي بعد فناء خلقه.
وأمّا مدين بن إبراهيم فتزوّج بابنة لوط وجعل الله في نسلها البركة، وكان له من الولد خمسة عيّفا وعيفين وخنوخ وأنيداغ وألزاعا. وقد تقدّم ذكرهم في ولد إبراهيم من قنطورا، فكان منهم مدين أمّة كبيرة ذات بطون وشعوب، وكانوا من أكبر قبائل الشام وأكثرهم عددا، وكانت مواطنهم تجاور أرض معان من أطراف الشام مما يلي الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط، وكان لهم تغلب بتلك الأرض، فعتوا وبغوا وعبدوا الآلهة، وكانوا يقطعون السبل ويبخسون في المكيال. وبعث الله فيهم شعيبا نبيا منهم، وهو ابن نويل بن رعويل بن عيا بن مدين. قال المسعوديّ: مدين هؤلاء من ولد المحضر بن جندل بن يعصب بن مدين، وأنّ شعيبا أخوهم في النسب، وكانوا ملوكا عدة يسمون بكلمات أبجد إلى آخرها وفيه نظر. وقال ابن حبيب في كتاب البدء: هو شعيب بن نويب بن أحزم بن مدين. وقال السهيليّ: شعيب بن عيفا، ويقال ابن صيفون، وشعيب هذا هو شعيب موسى الّذي هاجر إليه من مصر أيام القبط واستأجره على إنكاح ابنته إياه على أنّ يخدمه ثماني سنين، وأخذ عنه آداب الكتاب والنبوّة حسبما يأتي عند ذكر موسى صلوات الله عليهما وأخبار بني إسرائيل.
وقال الصيمري الّذي استأجر موسى وزوّجه: هو بثر بن رعويل، ووقع في التوراة أنّ اسمه يبثر وأنّ رعويل أباه أو عمّه هو الّذي تولى عقد النكاح. وكان لمدين هؤلاء مع بني إسرائيل حروب بالشام، ثم تغلب عليهم بنو إسرائيل وانقرضوا جميعا.
وأما لوط بن هاران أخي إبراهيم عليهما السلام فقد تقدّم من خبره مع قومه ما ذكرناه هنالك، ولما نجا بعد هلاكهم لحق بأرض فلسطين، فكان بها مع إبراهيم إلى أن قبضة الله، وكان له من الولد على ما ذكر في التوراة عمّون بتشديد الميم واشباع حركتها بالضمّ ونون بعدها، وموآيي بإشباع ضمة الميم واشباع فتحة الهمزة بعدها وياء تحتية وبعدها ياء ساكنة هوائية، وجعل الله في نسلهما البركة، حتى كانوا من أكثر قبائل الشام، وكانت مساكنهم بأرض البقاء ومدائنها في بلد موآيي ومعان وما والاهما، وكانت لهم مع بني إسرائيل حروب نذكرها في أخبارهم، وكان منهم بلعام بن باعورا بن رسيوم بن برسيم بن موآيي، وقصته مع ملك كنعان حين طلبه في الدعاء على بني إسرائيل أيام موسى صلوات الله عليه وأنّ دعاءه صرف إلى