أبرهة مائة وستين سنة. وقال ابن حزم هو أفريقش بن قيس بن صيفي أخو الحرث الرائش، وهو الّذي ذهب بقبائل العرب إلى افريقية، وبه سميت. وساق البربر إليها من أرض كنعان، مرّ بها عند ما غلبهم يوشع وقتلهم، فاحتمل الفل منهم، وساقهم إلى إفريقية، فأنزلهم بها، وقتل ملكها جرجير. ويقال إنّه الّذي سمّى البرابرة بهذا الاسم لأنه لما افتتح المغرب، وسمع رطانتهم قال: ما أكثر بربرتهم فسموا البرابرة.
والبربرة في لغة العرب هي اختلاط أصوات غير مفهومة، ومنه بربرة الأسد. ولما رجع من غزو المغرب ترك هنالك من قبائل حمير صنهاجة وكتامة فهم إلى الآن بها، وليسوا من نسب البربر، قاله الطبري والجرجاني والمسعوديّ وابن الكلبي والسهيليّ وجميع النسّابين.
ثم ملك من بعد أفريقش أخوه العبد بن أبرهة، وهو ذو الأذعار عند المسعودي قال: سمّي بذلك لكثرة ذعر الناس من جوره. وملك خمسا وعشرين سنة، وكان على عهد سليمان بن داود وقبله بقليل، وغزا ديار المغرب، وسار إليه كيقاوس بن كنعان ملك فارس فبارزه وانهزم كيقاوس وأسره ذو الأذعار، حتى استنقذه بعد حين من يده وزيره رستم زحف إليه بجموع فارس إلى اليمن وحارب ذا الأذعار فغلبه واستخلص كيقاوس من أسره كما نذكره في أخبار ملوك فارس. وقال الطبري إنّ ذا الأذعار اسمه عمرو بن ابرهة ذي المنار بن الحرث الرائش بن قيس بن صيفي بن سبا الأصغر انتهى. وكان مهلك ذي الأذعار فيما ذكر ابن هشام مسموما على يد الملكة بلقيس.
وملك من بعده الهدهاد بن شرحبيل بن عمرو بن ذي الأذعار وهو ذو الصرح، وملك ستا أو عشرا فيما قال المسعودي. وملكت بعده ابنته بلقيس سبع سنين. وقال الطبري: إنّ اسم بلقيس يلقمة بنت اليشرح بن الحرث بن قيس انتهى. ثم غلبهم سليمان عليه السلام على اليمن كما وقع في القرآن فيقال تزوجها، ويقال بل عزلها في التأيم، فتزوجت سدد بن زرعة بن سبا، وأقاموا في ملك سليمان وابنه أربعا وعشرين سنة. ثم قام بملكهم ناشر بن عمرو ذي الأذعار، ويعرف بناشر النعم، لفظين مركبين جعلا اسما واحدا كذا ضبطه الجرجاني. وقال السهيليّ ناشر بن عمرو، ثم قال ويقال ناشر النعم. وفي كتاب المسعودي نافس بن عمرو، ولعله تصحيف ونسبه إلى عمرو ذي الأذعار وليس يتحقق في هذه الأنساب كلها أنها للصلب فإنّ