واتخاذهم سخريا في مهنة الأعمال، فأصابت فرعون وقومه الجوائح العشرة واحدة بعد أخرى يسالمهم عند وقوعها، ويتضرع الى موسى في الدعاء بانجلائها، إلى أن أوحى الله الى موسى بخروج بني إسرائيل من مصر. ففي التوراة انهم أمروا عند خروجهم أن يذبح أهل كل بيت حملا من الغنم ان كان كفايتهم، أو يشتركون مع جيرانهم ان كان أكثر، وان ينضحوا دمه على أبوابهم لتكون علامة، وأن يأكلوه سواء برأسه وأطرافه، ومعناه لا يكسرون منه عظما ولا يدعون شيئا خارج البيوت، وليكن خبزهم فطيرا ذلك اليوم وسبعة أيام بعده، وذلك في اليوم الرابع عشر من فصل الربيع، وليأكلوا بسرعة وأوساطهم مشدودة، وخفافهم في أرجلهم، وعصيهم في أيديهم، ويخرجوا ليلا وما فضل من عشائهم ذلك يحرقوه [١] بالنار، وشرع هذا عيدا لهم ولا عقابهم ويسمّى عيد الفصح.
وفي التوراة أيضا انه قتل في تلك الليلة أبكار النساء من القبط ودوابهم ومواشيهم ليكون لهم بذلك ثقل عن بني إسرائيل. وأنّهم أمروا أن يستعيروا منهم حليا كثيرا يخرجون به، فاستعاروه وخرجوا في تلك الليلة بما معهم من الدواب والأنعام، وكانوا ستمائة ألف أو يزيدون. وشغل القبط عنهم بالمآتم التي كانوا فيها على موتاهم، وأخرجوا معهم تابوت يوسف عليه السلام، استخرجه موسى صلوات الله عليه من المدفن الّذي كان به بإلهام من الله تعالى، وساروا لوجههم حتى انتهوا الى ساحل البحر بجانب الطور. وأدركهم فرعون وجنوده، وأمر موسى بأن يضرب البحر بعصاه ويقتحمه، فضربه فانفلق طرقا. وسار فيها بنو إسرائيل وفرعون وجنوده في اتباعه، فهلكوا، ونزل بنو إسرائيل بجانب الطور، وسبّحوا مع موسى بالتسبيح المنقول عندهم وهو: نسبّح الرب البهي، الّذي قهر الجنود، ونبذ فرسانها في البحر المنيع المحمود الى آخره. قالوا: وكانت مريم أخت موسى وهارون صلوات الله عليهما تأخذ الدف بيدها، ونساء بني إسرائيل في أثرها بالدفوف والطبول، وهي ترتّل لهنّ التسبيح سبحان الرب القهّار الّذي قهر الخيول وركبانها ألقاها في البحر وهو معنى الأوّل.
ثم كانت المناجاة على جبل الطور وكلام الله لموسى والمعجزات المتتابعة، ونزول الألواح، ويزعم بنو إسرائيل أنها كانت لوحين فيها الكلمات العشرة وهي: كلمة التوحيد، والمحافظة على السبت بترك الأعمال فيه، وبرّ الوالدين ليطول العمر، والنهي