للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود بقتله، وبكى على طالوت، وذهب الى سبط يهوذا بأرض حفرون بالفاء القريبة من الباء، وهي قرية الخليل لهذا العهد، وأقام شيوشيات [١] بن طالوت في أورشليم، والأسباط كلهم مجتمعون عليه، وأقامت الحرب بينهم وبين داود أكثر من سنتين، ثم وقع الصلح بينهم والمهادنة، وأذعن الأسباط الى داود وتركوه، ثم اغتاله بعض قواده وجاء برأسه الى داود فقتله به. وأظهر عليه الحزن والأسف وكفل أخواته وبنيه أحسن كفالة.

واستبدّ داود بملك بني إسرائيل لثلاثين سنة من عمره وقاتل بني كنعان فغلبهم، ثم طالت حروبه مع بني فلسطين، واستولى على كثير من بلادهم، ورتب عليهم الخراج. ثم حارب أهل مؤاب وعمّون وأهل أدوم وظفر بهم وضرب عليهم الجزية، ثم خرّب بلادهم بعد ذلك، وضرب الجزية على الأرمن بدمشق وحلب، وبعث العمّال لقبضها. وصانعه ملك انطاكية بالهدايا والتحف، واختط مدينة صهيون وسكنها واعتزم على بناء مسجد في مكان القبة التي كانوا يضعون بها تابوت العهد ويصلون إليها. فأوحى الله الى دانيال نبيّ على عهده أنّ داود لا يبني وانما يبنيه ابنه ويدوم ملكه فسرّ داود بذلك. ثم انتقض عليه ابنه ابشلوم، وقتل أخاه أمون غيرة منه على شقيقه بأمان وهرب. ثم استماله داود ورده، وأهدر دم أخيه وصيّر له الحكم بين الناس. ثم رجع ثانيا لأربع سنين بعدها وخرج معه سائر الأسباط، ولحق داود بأطراف الشام وقيل لحق بخيبر وما إليها من بلاد الحجاز، ثم تراجع للحرب فهزمه داود وأدركه يؤاب وزير داود وقد تعلق بشجرة فقتله، وقتل في الهزيمة عشرون ألف من بني إسرائيل، وسيق رأس قشلوط لوليّ أبيه داود فبكى عليه وحزن طويلا، واستألف الأسباط ورضي عنهم ورضوا عنه. ثم أحصى بني إسرائيل فكانوا ألف ألف ومائة ألف، وسبط يهوذا أزيد من أربعمائة ألف. وعوتب في الوحي لأنه أحصاهم بغير اذن، وأخبره بذلك بعض الأنبياء لعهده.

وأقام داود صلوات الله عليه في ملكه والوحي يتتابع عليه، وسور الزبور تنزل. وكان يسبح بالأوتار والمزامير، وأكثر المزامير المنسوبة إليه في ذكر التسبيح وشأنه. وفرض على الكهنونية من سبط لاوى التسبح بالمزامير قدّام تابوت العهد اثني عشر كوهنا لكلّ


[١] وهكذا بالأصل. وفي مكان آخر يشوشات وفي الشجرة: أشوشان.

<<  <  ج: ص:  >  >>