للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أخبارهم لتكمل لنا أحوالهم من أوّل أمرهم إلى آخره والله أعلم. ولم التزم صدقه من كذبه والله المستعان.

قال الطبريّ وغيره من الأئمة: كان يرميا ويقال أرميا بن خلقيّا من أنبياء بني إسرائيل ومن سبط لاوى، وكان لعهد صدقيّا هو آخر ملوك بني يهوذا ببيت المقدس، ولما توغلوا في الكفر والعصيان أنذرهم بالهلاك على يد بخت نصّر وسأله عنه وأطلقه واحتمله معه في السبي، وكان فيما يقوله أرميا إنّهم يرجعون إلى بيت المقدس بعد سبعين سنة يملك فيها بخت نصّر وابنه وابن ابنه ويهلكون، وإذا فرغت مملكة الكلدانيّين بعد السبعين يفتقدكم. يخاطب بذلك بني إسرائيل في نص آخر له عند كمال سبعين لخراب المقدس. وكان شعيا بن أمصيّا من أنبيائهم أخبرهم بأنهم يرجعون إلى بيت المقدس على يد كورش من ملوك الفرس، ولم يكن وجد لذلك العهد، فلما استولى كورش على بابل وأزال مملكة الكلدانيين أذن لبني إسرائيل في الرجوع إلى بيت المقدس وعمارة مسجدها، ونادى في الناس أنّ الله أوصاني أن أبني بيتا فمن كان للَّه وسعيه للَّه فليمض إلى بنائه. فمضى بنو إسرائيل في اثنين وأربعين ألفا وعليهم زيريافيل، بالفاء الهوائية، بن شالتهيل بن يوخنيّا آخر ملوكهم بالقدس الّذي حبسه بخت نصّر وقد مرّ ذكره. وقد مضى معهم عزير النبي من عقب أشيوع بن فنحاص ابن العازر بن هارون وبينه وبين أشيوع ستة آباء، لم أثق بنقلها لغلبة الظنّ بأنها مصحّفة، وردّ عليهم كورش الأواني وكانت لا يعبر عنها من الكثرة. قال ابن العميد: كانت خمسة آلاف وأربعمائة قصعة ذهبا وفضة. فمضوا إلى بيت المقدس وشرعوا في العمارة وشرع كورش وسعى عليهم في إبطال ذلك بعض أعدائهم من السامرة، ولم يكن أمد السبعين التي وعدهم بها انقضى لأنّ الخراب كان لثمان عشرة من ملك بخت نصّر وكانت دولته خمسة وأربعين ومدّة ابنه وابن ابنه خمس وعشرون، فبقيت من السبعين ثمانية عشر التي نفدت من ملك بخت نصّر قبل الخراب، فمنعوا من العمارة بسعاية السامريّة إلى أن انقضت الثمان عشرة.

وجاءت دولة دارا من ملوك الفرس فأذن لهم في العمارة وعاد السامرة لسعايتهم في إبطال ذلك عند دارا، فأخبره أهل دولته أنّ كورش أذن لهم في ذلك فخلّى سبيلهم وعمّروا بيت المقدس في الثانية من ملك دارا الأوّل، وهو أرفخشد والكوهن يومئذ عزيز، وجدّد لهم التوراة بعد سنتين من رجوعهم إلى البيت. ثم هلك زيريافيل

<<  <  ج: ص:  >  >>