في إصلاح حالهم، فصغى هرقانوس وفسيّلو إلى قوله وخرجوا إليه. وارتاب هيردوس وامتنع فارتحل بهما قائد الفرس حتى إذا بلغ الملك ببلاد الأرمن تقبض عليهما فمات فسيّلو من ليلته، وقيد هرقانوس واحتمله إلى بلاده، وأشار أنطقنوس بقطع أذنه ليمنعه من الكهنونة.
ولما وصل ملك الفرس إلى بلاده أطلق هرقانوس من الاعتقال، وأحسن إليه إلى أن استدعاه هيردوس، كما يأتي بعد، وبعث ملك الفرس قائده إلى اليهود مع أنطقنوس ليملك، فخرج هيردوس عن القدس إلى جبل الشّراة فترك عياله بالحصن عند أخيه يوسف، وسار إلى مصر يريد قيصر. فأكرمته كلبطرة ملكة مصر، وأركبته السفن إلى رومية، فدخل بها انطيانوس إلى أوغسطس قيصر، وخبره الخبر عن الفرس والقدس، فملكه أوغسطس وألبسه التّاج وأركبه في رومية في زي الملك، والهاتف بين يديه بأن أوغسطس ملّكه. واحتفل انطيانوس في صنيع له حضره الملك أوغسطس قيصر وشيوخ رومية، وكتبوا له العهد في ألواح من نحاس، ووضعوا ذلك اليوم التاريخ، وهو أول ملك هيردوس.
وسار أنطيانوس بالعسكر إلى الفرس ومعه هيردوس، وفارقه من أنطاكية وركب البحر إلى القدس لحرب أنطقنوس، فخرج أنطقنوس إلى جبال الشّرارة للاستيلاء على عيال هيردوس، وأقام على حصار الحصن، وجاء هيردوس فحاربه وخرج يوسف من الحصن من ورائه، فانهزم أنطقنوس إلى القدس، وهلك أكثر عسكره.
وحاصره هيردوس وبعث انطقنوس بالأموال إلى قواد العسكر من الروم فلم يجيبوه، وأقام هيردوس على حصاره حتى جاء الخبر عن أنطيانوس قائد قيصر أنه ظفر بملك الفرس وقتله ودوّخ بلادهم، وأنه عاد ونزل الفرات. فترك هيردوس أخاه يوسف على حصار القدس مع قائد الروم سيساو، ومن تبعهم من الأرمن، وسار للقاء أنطيانوس، وبلغه وهو بدمشق أنّ أخاه يوسف قتل في حصار القدس على يد قائده أنطقنوس، وأنّ العساكر انفضت ورجعوا إلى دمشق، وجاء سيساو منهزما قائد أنطيانوس بالعساكر. وتقدّم هيردوس وقد خرج أنطقنوس للقائه فهزمه، وقتل عامّة عسكره واتبعه إلى القدس. ووافاه سيساو قائد الروم فحاصروا القدس أياما، ثم اقتحموا البلد وتسللوا صاعدين إلى السور، وقتلوا الحرس وملكوا المدينة، وأفحش سيساو في قتل اليهود، فرغب إليه هيردوس في الإبقاء. وقال له: إذا قتلت قومي