ونحن ذاكرون ما اشتهر من ذلك. وأما أنسابهم فلا خلاف بين المحققين أنهم من ولد سام بن نوح وأن جدّهم الأعلى الّذي ينتمون إليه هو فرس، والمشهور أنهم من ولد إيران بن أشوذ بن سام بن نوح. وأرض إيران هي بلاد الفرس، ولما عربت قيل لها إعراق، هذا عند المحققين. وقيل إنهم منسوبون إلى إيران بن إيران بن أشوذ، وقيل إلى غليم بن سام. ووقع في التوراة ذكر ملك الأهواز كردامر من بني غليم، فهذا أصل هذا القول والله أعلم، لأنّ الأهواز من ممالك بلاد فارس. وقيل: إلى لاوذ بن إرم بن سام، وقيل إلى أميم بن لاوذ، وقيل إلى يوسف بن يعقوب بن إسحاق.
ويقال إنّ الساسانيّة فقط من ولد إسحاق وأنه يسمى عندهم وترك، وأنّ جدّهم منوشهر بن منشحر بن فرهس بن وترك، هكذا نقل المسعودي هذه الأسماء وهي كما تراه غير مضبوطة. وفيما قيل: إنّ الفرس كلهم من ولد إيران بن أفريدون الآتي ذكره، وأنّ من قبله لا يسمون بالفرس والله أعلم. وكان أوّل ما ملك إيران أرض فارس فتوارث أعقابه الملك ثم صارت لهم خراسان ومملكة النبط والجرامقة، ثم اتسعت مملكتهم إلى الإسكندرية غربا وباب الأبواب شمالا. وفي الكتب أنّ أرض إيران هي أرض الترك، وعند الإسرائيليين أنهم من ولد طيراش بن يافث وإخوتهم بنو مادي بن يافث وكانوا مملكة واحدة.
فأما علماء الفرس ونسّابتهم فيأبون من هذا كله وينسبون الفرس إلى كيومرث ولا يرفعون نسبه إلى ما فوقه، ومعنى هذا الاسم عندهم ابن الطين وهو عندهم أوّل النسب، هذا رأيهم. وأما مواطن الفرس فكانت أوّل أمرهم بأرض فارس وبهم سميت، ويجاورهم إخوانهم في نسب أشوذ بن سام وهم فيما قال البيهقي: الكرد والديلم والخزر والنبط والجرامقة. ثم صارت لهم خراسان ومملكة النبط والجرامقة وسائر هؤلاء الأمم، ثم اتسعت ممالكهم إلى الإسكندرية.
وفي هذا الجيل على ما اتفق عليه المؤرخون أربع طبقات: الطبقة الأولى تسمى البيشدانية، والطبقة الثانية تسمى الكينية، والطبقة الثالثة تسمى الاشكانية، والطبقة الرابعة تسمى الساسانية، ومدة ملكهم في العالم على ما نقل ابن سعيد عن كتاب تاريخ الأمم لعليّ بن حمزة الأصبهاني، وذلك من زمن كيومرث أبيهم إلى مهلك يزدجرد أيام عثمان أربعة آلاف سنة ومائتا سنة ونحو إحدى وثمانين سنة.
وكيومرث عندهم هو أوّل ملك نصب في الأرض ويزعمون، فيما قال المسعودي، أنه