في فتح ما يليه، وسار إلى الشام مع ملوك الفرس وبخت نصّر ملك الموصل وله سنجاريف ففتح بيت المقدس، وكان له الظهور على اليهود واستأصلهم كما مرّ في أخبارهم، وبخت نصّر هذا الّذي غزا العرب وقاتلهم واستباحهم، ويقال إنّ ذلك كان في أيام كي بهمن حافد كيستاسب بن كيهراسف.
قال هشام بن محمد: أوحى الله إلى أرميا النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان حافد زريافيل الّذي رجّع بني إسرائيل إلى بيت المقدس، بأمر بخت نصّر أن يفرّق العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ويستبيحهم بالقتل ويعلمهم بكفرهم بالرسل واتخاذهم الآلهة. وفي كتاب الإسرائيليين والوحي بذلك كان إلى يرميا بن خلقيّا وقد مرّ ذكره، وأنه أمر أن يستخرج معدّ بن عدنان من بينهم ويكفله إلى انقضاء أمر الله فيهم انتهى.
قال: فوثب بخت نصّر على من وجده ببلاده من العرب للميرة، فحبسهم ونادى بالغزو وجاءت منهم طوائف مستسلمين فقبلهم وأنزلهم بالأنبار والحيرة.
وقال غير هشام إنّ بخت نصّر غزا العرب بالجزيرة وما بين أيلة والأبلّة، وملأها عليهم خيلا ورجالا ولقيه بنو عدنان فهزمهم إلى حضّورا واستلحمهم أجمعين. وأنّ الله أوحى إلى أرميا ويوحنّا أن يستخرجا معدّ بن عدنان الّذي من ولده محمد أختم به النبيّين آخر الزمان، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وردفه يوحنا على البراق وجاء به إلى حرّان، وربى بين أنبياء بني إسرائيل.
ورجع بخت نصّر إلى بابل وأنزل السبي بالأنبار فقيل أنبار العرب وسميت بهم، وخالطهم النبط بعد ذلك. ولما هلك بخت نصّر خرج معدّ بن عدنان مع أنبياء بني إسرائيل إلى الحج فحجّوا، وبقي هنالك مع قومه وتزوج بعانة بنت الحارث بن مضاض الجرهميّ، فولدت له نزار بن معدّ.
وأما كيهراسف فكان يحارب الترك عامّة أيامه، وهلك في حروبهم لمائة وعشرين سنة من ملكه، وكان محمود السيرة، وكانت الملوك شرقا وغربا يحملون إليه الإتاوة ويعظمونه، وقيل إنه ولّى ابنه كيستاسب على الملك وانقطع للعبادة. ولما ملك ابنه كيستاسب شغل بقتال الترك عامة أيامه، ودفع لحروبهم ابنه أسفنديار فعظم عناؤه فيهم. وظهر في أيامه زرادشت الّذي يزعم المجوس نبوّته، وكان فيما زعم أهل الكتاب من أهل فلسطين خادما لبعض تلامذة أرميا النبي خالصة عنده، فخانه في