بعض أموره فدعا الله عليه فبرص ولحق بأذربيجان وشرّع بها دين المجوسية. وتوجّه إلى كيستاسب فعرض عليه دينه فأعجبه وحمل الناس على الدخول فيه، وقتل من امتنع.
وعند علماء الفرس أنّ زرادشت من نسل منوشهر الملك، وأنّ نبيّا من بني إسرائيل بعث إلى كيستاسب وهو ببلخ، فكان زرادشت وجاماسب العالم، وهو من نسل منوشهر أيضا، يكتبان بالفارسية ما يقول ذلك النبيّ بالعبرانية، وكان جاماسب يعرف اللسان العربيّ ويترجمه لزرادشت، وأنّ ذلك كان لثلاثين سنة من دولة كيهراسف.
وقال علماء الفرس: إن زرادشت جاء بكتاب ادّعاه وحيا، كتب في اثني عشر ألف بعده نقشا بالذهب، وأن كيستاسب وضع ذلك في هيكل بإصطخر ووكّل به الهرابذة ومنع من تعليمه العامّة. قال المسعودي: ويسمى ذلك الكتاب نسناه وهو كتاب الزمزمة، ويدور على ستين حرفا من حروف المعجم. وفسّره زرادشت وسمّى تفسيره زند، ثم فسّر التفسير ثانيا وسمّاه زنديّه، وهذه اللفظة هي التي عربتها العرب زنديق. وأقسام هذا الكتاب عندهم ثلاثة: قسم في أخبار الأمم الماضية، وقسم في حدثان المستقبل، وقسم في نواميسهم وشرائعهم مثل أنّ المشرق قبلة وأن الصلوات في الطلوع والزوال والغروب وأنها ذات سجدات ودعوات. وجدّد لهم زرادشت بيوت النيران التي كان منوشهر أخمدها، ورتب لهم عيدين: النيروز في الاعتدال الربيعيّ والمهرجان في الاعتدال الخريفي، وأمثال ذلك من نواميسهم. ولما انقرض ملك الفرس الأول أحرق الإسكندر هذه الكتب، ولما جاء أردشير جمع الفرس على قراءة سورة منها تسمّى أسبا. قال المسعودي: وأخذ كيستاسب بدين المجوسية من زرادشت لخمس وثلاثين سنة من نبوّته فيما زعموا، ونصّب كيستاسب مكانه جاماسب العالم من أهل أذربيجان، وهو أوّل موبذان كان في الفرس انتهى.
قال الطبري: وكان كيستاسب مهادنا أرجاماسب ملك الترك وقد اشترط عليه أن تكون دابة كيستاسب موقفة على بابه بمنزلة دواب الرؤساء عند أبواب الملوك، فمنعه من ذلك زرادشت وأشار عليه بفتنة الترك، فبعث إلى الدابة والموكل بها وصرفهما إليه.
وبلغ الخبر الى ملك الترك فبعث إليه بالعتاب والتهديد وأن يبعث بزرداشت إليه وإلا فيعزّره. وأغلظ كيستاسب في الجواب وآذنه بالحرب، وسار بعضهما إلى بعض