واقتتلوا وقتل رزين بن كيستاسب وانهزم الترك وأثخن فيهم الفرس، وقتل ساحر الترك قيدوشق ورجع كيستاسب إلى بلخ. ثم سعى عنده بابنه أسفنديار فحبسه وقيده وسار إلى جبل بناحية كرمان وسجستان فانقطع به للعبادة ودراسة الدين. وخلّف أباه كهراسف في بلخ شيخا قد أبطله الكبر وترك خزائنه وأمواله فيها مع امرأته، فغزاهم بخاخدراسف وقدّم أخا جورا في جموع الترك وكان مرشحا للملك فأثخن واستباح واستولى على بلخ، وقتل كهراسف أباهم وغنموا الأموال وهدموا بيوت النيران وسبوا حمّايي بنت كستاسب وأختها، وكان فيما غنموه العلم الأكبر الّذي كانوا يسمونه زركش كاويان وهي راية الحدّاد الّذي خرج على الضحّاك وقتله. وولّى أفريدون فسمّوا بتلك الراية ورصعوها بالجواهر ووضعوها في ذخائرهم يبسطوها [١] في الحروب العظام، وكان لها ذكر في دولتهم وغنمها المسلمون يوم القادسية.
ثم مضى خدراسف ملك الترك في جموعه إلى كيستاسب وهو بجبال سجستان متعبدا فتحصن منه وبعث إلى ابنه أسفنديار مع جاماسب العالم وهو في الجبل فقلّده الملك ومحاربة الترك، فسار إليهم وأبلى في حروبهم فانهزموا، وغنم ما معهم واسترد ما كانوا غنموه والراية زركش كاويان في جملته. ثم دخل أسفنديار إلى بلادهم في اتباعهم وفتح مدينتهم عنوة، وقتل ملكهم خدراسف وإخوته، واستلحم مقاتلته واستباح أمواله ونساءه، ودخل مدينة فراسيات ودوّخ البلاد، وانتهى إلى بلاد صول والتبت، وولّى على كل ناحية من الترك، وفرض الخراج، وانصرف إلى بلخ وقد غصّ به أبوه.
قال هشام بن محمد: فبعثه إلى رستم ملك سجستان الّذي كان يستنفره كيقباذ جدّهم من ملوك اليمن، وأقطعه تلك الممالك جزاء لفعله. فسار إليه أسفنديار وقاتله رستم وهلك كيستاسب لمائة وعشرين سنة. ويقال إنه الّذي ردّ بني إسرائيل إلى بلادهم وأنّ أمّه كانت من بني طالوت. ويقال إنّ ذلك هو حافد بهمن. وقيل إن الّذي ردهم هو كورش من ملوك بابل أيام بهمن بأمره.
ثم ملك بعد كيستاسب حافده كي بهمن ويقال أردشير بهمن. قال الطبري: ويعرف بالطويل الباع لاستيلائه على الممالك والأقاليم. قال هشام بن محمد: ولمّا ملك سار إلى سجستان طالبا بثأر أبيه فكانت بينهما حروب فقتل فيها رستم بن دستان وأبوه