وإخوته وأبناؤه. ثم غزا الروم وفرض عليهم الإتاوة وكان من أعظم ملوك الفرس، وبنى مدنا بالسواد، وكانت أمّه من نسل طالوت لأربعة آباء من لدنه وكانت له أمّ ولد من سبي بني إسرائيل اسمها راسف وهي أخت زريافيل الّذي ملكه على اليهود ببيت المقدس وجعل له رياسة الجالوت وملك الشام، وملك ثمانين سنة، فملكت حمايي ملّكها الفرس لجمالها ولحسن أدبها وكمال معرفتها وفروسيتها، وكانت بلغت شهرا أزاد. وقيل إنما ملوكها لأنها لما حملت من أبيها بدار الأكبر سألته أن يعقد له التاج في بطنها ففعل ذلك. وكان ابنه ساسان مرشّحا للملك فغضب، ولحق بجبال إصطخر زاده يتولى ماشيته بنفسه، فلما مات أبوه فقدوا ذكرا من أولاده فولوا حمايي هذه وكانت مظفرة على الأعداء. ولما بلغ ابنها دارا الأشد، سلّمت إليه الملك وسارت إلى فارس واختطت مدينة دارابجرد، وردت الغزو إلى بلاد الروم، وأعطيت الظفر فكثر سبيهم عندها، وملكت ثلاثين سنة. ولما ملك ابنها دار نزل بابل وضبط ملكه وغزا الملوك وأدّوا الخراج إليه، ويقال إنه الّذي رتّب دواب البرد. وكان معجبا بابنه دارا حتى سمّاه باسمه وولّاه عهده وهلك لاثنتي عشرة سنة.
وملك بعده ابنه دارا بهمن، وكان له مربّي اسمه بيدلي قتله أبوه دارا بسعاية وزيره أرشيش محمود، وندم على قتله. فلمّا ولي دارا جعل على كتابته أخا بيدلي ثم استوزره رعيا لمرباه مع أخيه، فاستفسده على أرشيش وزيره ووزير أبيه وعلى سائر أهل الدولة استوحشوا منه. وقال هشام بن محمد: وملك دارا بن دارا أربع عشرة سنة فأساء السيرة وقتل الرؤساء وأهلك الرعية وغزاه الإسكندر بن فيلبس ملك بني يونان. وقد كانوا يسمّونه [١] فوثب عليه بعضهم وقتله، ولحق بالإسكندر وتقرّب بذلك إليه فقتله الإسكندر وقال هذا جزاء من اجترأ على سلطانه، وتزوّج بنته روشنك كما نذكره في أخبار الإسكندر.
وقال الطبري: قال بعض أهل العلم بأخبار الماضين كان لدارا من الولد يوم قتل أربع بنين أسسك وبنودار وأردشير وبنت اسمها روشنك وهي التي تزوجها الإسكندر.
قال: وملك أربع عشرة سنة، هذه هي الأخبار المشهورة للفرس الأولى إلى ملكهم الأخير دارا.
[١] لم نجد في كتب التاريخ لقبا لدارا بن دارا، ولكن ابن الأثير ذكر ان دارا بن بهمن بن إسفنديار كان يلقب: جهرازاد اي كريم الطبع.