لاصطخر، وكان شجاعا، وكانت امرأته من بيت ملك فولدت له ابنه بابك، وولد لبابك أردشير وضبطه الدار الدّارقطنيّ: بالراء المهملة. وكان على إصطخر يومئذ ملك من ملوك الطوائف وله عامل على دارابجرد خصيّ اسمه سرّي، فلما أتت لأردشير سبع سنين جاء به جدّه ساسان إلى ملك إصطخر وسأله أن يضمه إلى عامل دارابجرد الخصيّ يكفله إلى أن تتمّ تربيته، ولما هلك عامل دارابجرد أقام بأمره فيها أردشير هذا وملكها، وكان له علم من المنجّمين بأنّ الملك سيصير إليه، فوثب على كثير من ملوك الطوائف بأرض فارس فاستولى عليهم، وكتب إلى أبيه بذلك، ثم وثب على عامل إصطخر فغلبه على ما بيده وملك إصطخر وكثيرا من أعمال فارس.
وكان زعيم الطوائف يومئذ أردوان ملك الأشكانيّين فكتب إليه يسأله أن يتوّجه فعنّفه، وكتب إليه بالشخوص فامتنع، وخرج بالعساكر من إصطخر وقدم موبذان رورين فتوّجه ثم فتح كرمان وبها ملك من ملوك الطوائف، وولّى عليها ابنه، وكتب إليه أردوان يتهدّده وأمر ملك الأهواز من الطوائف أن يسير إليه فرجع مغلوبا. ثم سار أردشير إلى أصبهان فقتل ملكها واستولى عليها، ثم إلى الأهواز فقتل ملكها كذلك، ثم زحف إليه أردوان عميد الطوائف فهزمه أردشير وقتله وملك همذان والجبل وأذربيجان وأرمينية والموصل ثم السودان. وبنى مدينة على شاطئ، دجلة شرقي المدائن. ثم رجع إلى إصطخر ففتح سجستان ثم جرجان ثم مرو وبلخ وخوارزم إلى تخوم خراسان، وبعث بكثير من الرءوس إلى بيت النيران، ثم رجع إلى فارس ونزل صول وأطاعه ملك كوشان ومكران ثم ملك البحرين بعد أن حاصرها مدّة، وألقى ملكها بنفسه في البحر. ثم رجع فنزل المدائن وتوجه ابنه سابور، ولم يزل مظفرا وقهر الملوك حوله وأثخن في الأرض، ومدّن المدن واستكثر العمارة وهلك لأربع عشرة سنة من ملكه بإصطخر بعد مقتل أردوان.
وقال هشام بن الكلبي: قام أردشير في أهل فارس يريد الملك الّذي كان لآبائه قبل الطوائف وأن يجمعه لملك واحد، وكان أردوان ملكا على الاردوانيين وهم أنباط السواد، وكان بابا ملكا على الأرمانيّين وهم أنباط الشام، وبينهما حرب وفتنة فاجتمعا على قتال أردشير فحارباه مناوبة. ثم بعث أردشير إلى بابا في الصلح على أن يدعه في الملك ويخلّي بابا بينه وبين أردوان، فلم يلبث أن قتل أردوان واستولى على السواد فأعطاه بابا الطاعة بالشام ودانت له سائر الملوك وقهرهم. ثم رجع إلى أمر