وفي بعض من طرق هذا الخبر أنّ أبرويز لمّا استوحش من أبيه هرمز لحق بأذربيجان واجتمع عليه من اجتمع ولم يحدث شيئا. وبعث هرمز لمحاربة بهرام قائدا من مرازبته فانهزم وقتل ورجع فلّهم إلى المدائن وبهرام في اتّباعهم، واضطرب هرمز وكتبت إليه أخت المرزبان المهزوم من بهرام تستحثه للملك فسار إلى المدائن وملك، وأتاه أبوه فتواضع له أبرويز وتبرأ له من فعل الناس وأنه إنّما حمله على ذلك الخوف، وسأله أن ينتقم له ممن فعل به ذلك وأن يؤنسه بثلاثة من أهل النسب والحكمة يحادثهم كل يوم فأجابه، واستأذنه في قتل بهرام جوبين فأشار به. وأقبل بهرام حثيثا وبعث خاليه نفدويه وبسطام يستدعيانه للطاعة فردّ أسوأ ردّ وقاتل أبرويز واشتدّت الحرب بينهما، ولما رأى أبرويز فشل أصحابه شاور أباه ولحق بملك الروم، وقال له خالاه عند وصولهم من المدائن: نخشى أن يدخل بهرام المدائن ويملّك أباك ويبعث فينا إلى ملك الروم. وانطلقوا إلى المدائن فقتلوا هرمز ثم ساروا مع أبرويز وقطعوا الفرات، واتبعتهم عساكر بهرام وقد وصلوا إلى تخوم الروم وقاتلوهم وأسروا نفدويه خال أبرويز ورجعوا عنهم. ولحق أبرويز ومن معه بأنطاكيّة وبعث إلى قيصر موريق يستنجده فأجابه وأكرمه وزوّجه ابنته مريم، وبعث إليه أخاه بناطوس بستين ألف مقاتل وقائدهم، واشترط عليه الإتاوة التي كان الروم يحملونها، فقبل وسار بالعساكر إلى أذربيجان ووافاه هنالك خاله نفدويه هاربا من الأسر الّذي كانوا أسروه. ثم بعث العساكر من أذربيجان مع أصبهبذ الناحية، فانهزم بهرام جوبين ولحق بالترك وسار أبرويز إلى المدائن فدخلها وفرّق في الروم عشرين ألف ألف دينار وأطلقهم إلى قيصر.
وأقام بهرام عند ملك الترك وصانع أبرويز عليه ملك الترك وزوجته حتى دست عليه من قتله، واغتمّ لذلك ملك الترك وطلّقها من أجله، وبعث إلى أخت بهرام أن يتزوّجها فامتنعت، ثم أخذ أبرويز في مهاداة قيصر موريق وألطافه، وخلعه الروم وقتلوه وملّكوا عليهم ملكا اسمه قوفا قيصر، ولحق ابنه بأبرويز فبعث العساكر على ثلاثة من القواد وسار أحدهم ودوّخوا الشام إلى فلسطين، ووصلوا إلى بيت المقدس فأخذوا أسقفتها ومن كان بها من الأقسّة وطالبوهم بخشبة الصليب فاستخرجوها من الدفن وبعثوا بها إلى كسرى، وسار منهم قائد آخر إلى مصر واسكندرية وبلاد النوبة فملكوا ذلك كلّه، وقصد الثالث قسطنطينيّة وخيّم على الخليج وعاث في ممالك الروم.