للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ثمان وسبعين، وملك طيباريوس سبع سنين ومات سنة ست وثمانين، فملك سطيانوس وذلك في أيام الوليد بن عبد الملك، وهو الّذي بنى مسجد بني أمية بدمشق، يقال إنه أنفق فيه أربعمائة صندوق في كل صندوق أربعمائة عشر ألف دينار، وكان فيه من جملة الفعلة اثنا عشر ألف مرخّم، ويقال كانت فيه ستمائة سلسلة من الذهب لتعليق القناديل فكانت تغشى عيون الناظرين وتفتن المسلمين فأزالها عمر بن عبد العزيز وردّها إلى بيت المال. وكان الوليد لما اعتزم على الزيادة في المسجد أمر بهدم كنيسة النصارى وكانت ملاصقة للمسجد فأدخلها فيه، وهي معروفة عندهم بكنيسة مار يوحنّا، ويقال إنّ عبد الملك طلبهم في ذلك فامتنعوا، وإن الوليد بذل لهم فيها أربعين ألف دينار فلم يقبلوا، فهدمها ولم يعطهم شيئا، وشكوا أمرها إلى عمر بن عبد العزيز وجاءوه بكتاب خالد بن الوليد وعهده أن لا تخرّب كنائسهم ولا تسكن، فراودهم على أخذ الأربعين ألفا التي بذل لهم الوليد فأبوا، فأمر أن تردّ عليهم فعظم ذلك على الناس، وكان قاضيه أبو داريس [١] الخولانيّ فقال لهم: تتركون هذه الكنيسة في الكنائس التي في [٢] العنوة في المدينة وإلا هدمناها، فأذعنوا وكتب لهم عمر الأمان على ما بقي من كنائسهم.

وفي سنة ست وسبعين بعث كاتب الخراج إلى سليمان بن عبد الملك بأنّ مقياس حلوان بطل فأمر ببناء مقياس في الجزيرة بين الفسطاط والجزيرة فهو لهذا العهد.

وفي سنة إحدى ومائة من الهجرة ملك تدّاوس على الروم سنة ونصفا، ثم ملك بعده لاون أربعا وعشرين سنة، وبعده ابنه قسطنطين. وفي سنة ثلاث عشرة ومائة غزا هشام بن عبد الملك الصائفة اليسرى، وأخوه سلمان الصائفة اليمنى، ولقيهم قسطنطين في جموع الروم فانهزموا وأخذ أسيرا ثم أطلقوه بعد. وفي أيام مروان بن محمد وولاية موسى بن نصير لقي النصارى بالإسكندرية ومصر شدّة وأخذوا بغرامة المال واعتقل بطرك الاسكندرية أبي ميخايل، وطلب بجملة من المال فبذلوا موجودهم وانطلقوا يستسعون ما يحصل لهم من الصدقة، وبلغ ملك النوبة ما حل بهم فزحف في مائة ألف من العساكر إلى مصر، فخرج إليه عامل مصر، فرجع من غير قتال. وفي أيام


[١] وفي نسخة اخرى: ابو إدريس الخولانيّ.
[٢] كذا بياض بالأصل ولم يذكر ابن الأثير ولا الطبري ومقتضى سياق الجملة: «في الكنائس التي تركت لكم وكانت من الأماكن التي أخذت عنوة في المدينة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>