كلامه أخبار البطاركة من لدن فتح الاسكندرية لأنّا رأيناه مستغنى عنه وقد صارت بطركيتهم الكبرى التي كانت بالإسكندرية بمدينة رومة، وهي هنالك للملكيّة ويسمّونه البابا ومعناه أبوا الآباء، وبقي ببلاد مصر بطرك اليعاقبة على المعاهدين من النصارى بتلك الجهات وعلى ملوك النوبة والحبشة.
وأمّا المسعودي فذكر ترتيب هؤلاء القياصرة من بعد الهجرة والفتح كما ذكره ابن العميد، قال: والمشهور بين الناس أنّ الهجرة وأيام الشيخين كان ملك الروم فيها لهرقل، قال: وفي كتب أهل السير أن الهجرة كانت على عهد قيصر بن مورق، ثم كان بعده ابنه قيصر بن قيصر أيام أبي بكر، ثم هرقل بن قيصر أيام عمر، وعليه كان الفتح وهو المخرج من الشام أيام أبي عبيدة وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان فاستقرّ بالقسطنطينية. وبعده مورق بن هرقل أيام عثمان، وبعده مورق بن مورق أيام علي ومعاوية، وبعده قلفط بن مورق آخر أيام معاوية وأيام يزيد ومروان بن الحكم وكان معاوية يراسله ويراسل أباه مورق، وكانت تختلف إليه علامة نياق وبشّره مورق بالملك وأخبره أنّ عثمان يقتل وأنّ الأمر يرجع إلى معاوية، وهادي ابنه قلفط حين سار إلى حرب عليّ رضي الله عنه، ثم نزلت جيوش معاوية مع ابنه الزيد قسطنطينية وهلك عليها في حصاره أبو أيوب الأنصاري. ثم ملك من بعد قلفط بن مورق لاون بن قلفط أيام عبد الملك بن مروان، وبعده جيرون بن لاون أيام الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز. ثم غشيهم المسلمون في ديارهم وغزوهم في البر والبحر، ونازل مسلمة القسطنطينية، واضطرب ملك الروم وملّك عليهم جرجيس بن مرعش وملك تسع عشرة سنة ولم يكن من بيت الملك. ولم يزل أمرهم مضطربا إلى أن ملك عليهم قسطنطين بن ألبون وكانت أمّه مستبدّة عليه لمكان صغره، ومن بعده نقفور بن استيراق أيام الرشيد وكانت له معه حروب وغزاه الرشيد فأعطاه الانقياد ودفع إليه الجزية، ثم نقض العهد فتجهّز الرشيد إلى غزوة ونزل هرقلة وافتتحها سنة تسعين ومائة وكانت من أعظم مدائن الروم، وانتقاد نقفور بعد ذلك وحمل الشروط. وملك بعده استيراق بن نقفور أيام الأمين، وغلب عليه قسطنطين ابن قلفط وملك أيام المأمون، وبعده نوفيل أيام المعتصم واستردّ زبطرة ونازل عمّورية وافتتحها وقتل من كان بها من أمم النصرانية. ثم ملك ميخايل بن نوفيل أيام الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين، ثم تنازع الروم وملكوا عليهم نوفيل بن ميخاييل،