صلحا. وكان أرمانوس لمّا انهزم وثب ميخاييل بعده على مملكة الروم، فلما انطلق من الأسر ورجع دفعه ميخاييل عن الملك والتزم أحكام الصلح الّذي عقده مع آلب أرسلان وترهب أرمانوس إلى هنا انتهى كلام ابن الأثير.
ثم استفحل ملك الافرنج بعد ذلك واستبدّوا بملك رومة وما وراءها، وكان الروم لما أخذوا بدين النصرانية حملوا عليه الأمم المجاورين لهم طوعا وكرها، فدخل فيه طوائف من الأمم منهم الأرمن وقد تقدّم نسبهم إلى ناحور أخي إبراهيم عليه السلام وبلدهم أرمينيّة وقاعدتها خلاط، ومنهم الكرج وهم من شعوب الروم وبلادهم الخزر ما بين أرمينية والقسطنطينية شمالا في جبال ممتنعة، ومنه الجركس في جبال بالعدوة الشرقية من بحر نيطش وهم من شعوب الترك، ومنهم الروس في جزائر ببحر نيطش وفي عدوته الشمالية ومنه البلغار نسبة إلى مدينة لهم في العدوة الشمالية أيضا من بحر نيطش، ومنهم البرجان أمّة كبيرة متوغلون في الشمال لا تعرف أخبارهم لبعدها، وهؤلاء كلهم من شعوب الترك.
وأعظم من أخذ به من الأمم الافرنج وقاعدة بلادهم فرنجة، ويقولون فرنسة بالسين وملكهم الفرنسيس، وهم في بسائط على عدوة البحر الرومي من شمالية وجزيرة الأندلس من ورائهم في المغرب تفصل بينهم وبينها جبال متوعرة ذات مسالك ضيقة يسمونها ألبون وساكنها الجلالقة من شعوب الافرنج، وهؤلاء فرنسة أعظم ملوك الافرنجة بالعدوة الشمالية من هذا البحر، واستولوا من الجزيرة البحرية منه على صقلّيّة وقبرص وأقريطش وجنوة، واستولوا أيضا على قطعة من بلاد الأندلس إلى برشلونه، واستفحل ملكهم بعد القياصرة الأول.
ومن أمم الافرنجة البنادقة وبلادهم حفافي خليج يخرج من بحر الروم متضايقا إلى ناحية الشمال ومغربا بعض الشيء على سبعمائة ميل من البحر وهذا الخليج مقابل لخليج القسطنطينية، وفي القرب منه وعلى ثمان مراحل من بلاد جنوة، ومن ورائها مدينة رومة حاضرة الافرنجة ومدينة ملكهم وبها كرسي البطرك الأكبر الّذي يسمونه البابا. ومن أمم الافرنجة الجلالقة وبلادهم الأندلس وهؤلاء كلهم دخلوا في دين النصرانية تبعا للروم إلى من دخل فيه منهم من أمم السودان والحبشة والنوبة، ومن كان على ملكة الروم من برابرة العدوة بالمغرب مثل نغزاوة وهوارة بإفريقية والمصامدة بالمغرب الأقصى، واستفحل ملك الروم ودين النصرانية.