فلما سمعت نزار شعر خزيمة بن نهد وقتله يذكر بن عنزة، ثاروا مع قضاعة وتساندوا مع أحياء العرب الذين كانوا معهم، وكانت هذه مع نزار ونسبها يومئذ كندة بن جنادة بن معدّ، وجيرانهم يومئذ أجأ بن عمرو بن أدّ بن أدد ابن أخي عدنان بن أدد.
وكانت قضاعة تنتسب إلى معدّ ومعدّ إلى عدنان، والأشعريون إلى الأشعر بن أدد أخي عدنان، وكانوا يظعنون من تهامة إلى الشام ومنازلهم بالصفاع. وكانت عسقلان من ولد ربيعة، وكانت قضاعة ما بين مكة والطائف، وكندة من العمد إلى ذات عرق، ومنازل أجأ والأشعر ومعدّ ما بين جدّة والبحر. فلما اقتتلوا هزمت نزار قضاعة وقتل خزيمة وخرجوا مفترقين، فسارت تيم اللات من قضاعة وبعض بني رفيدة منهم وفرقة من الأشعريين نحو البحرين، ونزلوا هجر وأجلوا من كان بها من النبط وملوكها. وكانت الزرقاء بنت زهير كاهنة منهم فتكهنت لهم بنزول ذلك المكان والخروج عن تهامة وقالت في شعرها:
ودّع تهامة لا وداع مخالف ... بذمامه لكن قليّ وملام
لا تنكري هجرا مقام غريبة ... لن تعدمي من ظاعنين تهام
ثم تكهنت لهم في سجع بأنهم يقيمون بهجر حتى ينعق غراب أبقع عليه خلخال ذهبا ويقع على نخلة وصفتها فيسيرون إلى الحيرة، وكان في سجعها مقام وتنوخ فسمّيت تلك القبائل تنوخ من أجل هذه اللفظة. ولحق بهم قوم من الأزد فدخلوا في تنوخ وأصاب بقية قضاعة الموتان، وسارت فرقة من بني حلوان فنزلوا عبقرة من أرض الجزيرة ونسج نساؤهم البرود العبقرية من الصوف والبرود التزيدية إليهم لأنهم بنو تزيد، وأغارت عليهم الترك فأصابوا منهم، وأقبل الحرث بن قراد البهراني ليستجيش بني حلوان فعرض له أبان بن سليح صاحب العين فقتله الحرث ولحقت بهرا بالترك، فاستنقذوا ما أخذوه من بني تزيد وهزموهم وقال الحرث:
كأنّ الدهر جمّع في ليال ... ثلاث بينهنّ بشهرزور
صففنا للأعاجم من معدّ ... صفوفا بالجزيرة كالسعير
وسارت سليح بن عمرو [١] بن الحاف وعليهم الهدرجان بن مسلمة، حتى نزلوا فلسطين على بني أدينة بن السميدع بن عاملة، وسارت أسلم بن الحاف وهي عذرة ونهد وحويكة وجهينة حتى نزلوا بين الحجر ووادي القرى، وأقامت تنوخ بالبحرين
[١] قوله سليح بن عمرو يأتي في مكان آخر سليح بن عمران قاله نصر.