وقال البيهقي: وتفرّقوا في الإسلام فلم تبق لهم قبيلة وبرية إلا باليمن وهم أعظم قبائله وهم عصبة المعطي من الزيدية القائمين بدعوته باليمن، وملكوا جملة من حصون اليمن باليمن، ولهم بها إقليم بكيل وإقليم حاشد من بطونهم.
قال ابن سعيد: ومن همدان بنو الزريع وهم أصحاب الدعوة والملك في عدن والحيرة وهم زيديّة وإخوة همدان إلهان بن مالك بن زيد بن أوسلة ومن مالك بن زيد أيضا الأزد وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك وخثعم وبجيلة ابنا أنمار بن أراش أخي الأزد بن الغوث. وقد يقال أنمار هو ابن نزار بن معدّ وليس بصحيح، فأمّا الأزد فبطن عظيم متّسع وشعوب كثيرة، فمنهم بنو دوس من بني نصر بن الأزد وهو دوس بن عدثان بالثاء المثلثة ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بطن كبير، ومنهم كان جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس وديارهم بنواحي عمان، وكان بعد دوس وجذيمة ملك بعمّان في إخوانهم بني نصر بن زهران بن كعب، كان منهم قبيل الإسلام المستكبر بن مسعود بن الجرّار بن عبد الله بن مغولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن زهران، والّذي أدرك الإسلام منهم جيفر بن الجلندي بن كركر بن المستكبر وأخوه عبد الله ملك عمان، كتب إليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم فأسلموا، واستعمل على نواحيهما عمرو بن العاص.
ومن الأزد ثم من بني مازن بن الأزد بنو عمرو مزيقياء بن عامر ويلقب ماء السماء ابن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس البهلول ابن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وعمرو هذا وآباؤه كانوا ملوكا على بادية كهلان باليمن مع حمير واستفحل لهم الملك من بعدهم.
وكانت أرض سبإ باليمن لذلك العهد من أرفه البلاد وأخصبها وكانت مدافع للسيول المنحدرة بين جبلين هنالك فضرب بينهما سدّ بالصخر والقار يحبس سيول العيون والأمطار حتى يصرفوه من خروق في ذلك السدّ على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم، ومكث كذلك ما شاء الله أيام حمير، فلما تقلّص ملكهم وانحلّ نظام دولتهم وتغلّب بادية كهلان على أرض سبإ وانطلقت عليها الأيدي بالعبث والفساد وذهب الحفظة القائمون بأمر السدّ نذروا بخرابه، وكان الّذي ندر به عمرو مزيقياء ملكهم لمّا رأى من اختلال أحواله. ويقال: إنّ أخاه عمران الكاهن أخبره، ويقال طريفة