في الصّحّة والغلظ فلا يطرقها الوهن ولا ينالها من مدار الأغذية ما ينال غيرهم فيشربون اليتّوعات لاستطلاق بطونهم غير محجوبة كالحنظل قبل طبخه والدّرياس والقربيون ولا ينال أمعاءهم منها ضرر وهي لو تناولها أهل الحضر الرّقيقة أمعاؤهم بما نشأت عليه من لطيف الأغذية لكان الهلاك أسرع إليهم من طرفة العين لما فيها من السّمية ومن تأثير الأغذية في الأبدان ما ذكره أهل الفلاحة وشاهده أهل التّجربة أنّ الدّجاج إذا غذّيت بالحبوب المطبوخة في بعر الإبل واتخذ بيضها ثمّ حضنت عليه جاء الدّجاج منها أعظم ما يكون وقد يستغنون عن تغذيتها وطبخ الحبوب بطرح ذلك البعر مع البيض المحضّن فيجيء دجاجها في غاية العظم وأمثال ذلك كثيرة فإذا رأينا هذه الآثار من الأغذية في الأبدان فلا شكّ أنّ للجوع أيضا آثارا في الأبدان لأنّ الضّدّين على نسبة واحدة في التّأثير وعدمه فيكون تأثير الجوع في نقاء الأبدان من الزّيادات الفاسدة والرّطوبات المختلطة المخلّة بالجسم والعقل كما كان الغذاء مؤثّرا في وجود ذلك الجسم والله محيط بعلمه.