للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود في حلقة النعمان، ويقال كانت أربعمائة درع وقيل ثمانمائة، فمنعها هانئ وغضب كسرى وأراد استئصال بكر بن وائل، وأشار عليه النعمان بن زرعة من بني تغلب أن يمهل إلى فصل القيظ عند ورودهم مياه ذي قار. فلما قاظوا ونزلوا تلك المياه وجاءهم النعمان بن زرعة يخيّرهم في الحرب وإعطاء اليد فاختاروا الحرب، اختاره حنظلة بن سنان العجليّ وكانوا قد ولّوه أمرهم وقال لهم إنما هو الموت قتلا إن أعطيتم باليد أو عطشا إن هربتم وربما لقيكم بنو تميم فقتلوكم. ثم بعث كسرى إلى إياس بن قبيصة أن يسير إلى حربهم ويأخذه معه مسالح فارس وهم الجند الذين كانوا معه بالقطقطانية وبارق وتغلب، وبعث إلى قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن ذي الخدّين وكان على طف شقران أن يوافي إياسا، فجاءت الفرس معها الجنود والأفيال عليها الأساورة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة فقال: اليوم انتصف العرب من العجم ونصروا، وحفظ ذلك اليوم فإذا هو يوم الوقعة.

ولما تواقف الفريقان جاء قيس بن مسعود إلى هانئ وأشار عليه أن يفرّق سلاح النعمان على أصحابه ففعل، واختلف هانئ بن مسعود وحنظلة بن ثعلبة بن سنان، فأشار هانئ بركوب الفلاة وقطع حنظلة حزم الرجال وضرب على نفسه وآلى أن لا يفرّ. ثم استقوا الماء لنصف شهر، واقتتلوا وهرب العجم من العطش واتبعهم بكر وعجل، فاصطف العجم وقاتلوا وصبروا وراسلت إياد بكر بن وائل إنّا نفّر عند اللقاء فصحبوهم، واشتدّ القتال وقطعوا الآمال حتى سقطت الرجال إلى الأرض ثم حملوا عليهم، واعترضهم يزيد بن حمّاد السكونيّ في قومه كان كمينا أمامهم فشدّوا على إياس بن قبيصة ومن معه من العرب فولّت إياد منهزمة، وانهزمت الفرس وجاوزوا الماء في حرّ الظهيرة في يوم قائظ فهلكوا أجمعين قتلا وعطشا. وأقام إياس في ولاية الحيرة مكان النعمان ومعه الهمرجان من مرازبة فارس تسع سنين، وفي الثامنة منها كانت البعثة وولي بعده على الحيرة آخر من المرازبة اسمه زاذويه بن ماهان الهمذاني سبع عشرة سنة إلى أيام بوران بنت كسرى. ثم ولي المنذر بن النعمان بن المنذر وتسميه العرب والغرور الّذي قتل بالبحرين يوم أجداث.

ولما زحف المسلمون إلى العراق ونزل خالد بن الوليد الحيرة حاصرهم بقصورها فلما أشرفوا على الهلكة خرج إليهم إياس بن قبيصة في أشراف أهل الحيرة وأتقى من خالد والمسلمين بالجزية، فقبلوا منه وصالحهم على مائة وستين ألف درهم، وكتب لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>