فيما سأل أن قال بم يأمركم فقال أبو سفيان بالصّلاة والزّكاة والصّلة والعفاف إلى آخر ما سأل فأجابه فقال إن يكن ما تقول حقّا فهو نبيّ وسيملك ما تحت قدميّ هاتين والعفاف الّذي أشار إليه هرقل [١] هو العصمة فانظر كيف أخذ من العصمة والدّعاء إلى الدّين والعبادة دليلا على صحّة نبوته ولم يحتج إلى معجزة فدلّ على أنّ ذلك من علامات النّبوة. ومن علاماتهم أيضا أن يكونوا ذوي حسب في قومهم وفي الصّحيح ما بعث الله نبيّا إلّا في منعة من قومه وفي رواية أخرى في ثروة من قومه استدركه الحاكم على الصّحيحين وفي مسألة هرقل لأبي سفيان كما هو في الصّحيح قال كيف هو فيكم فقال أبو سفيان هو فينا ذو حسب فقال هرقل والرّسل تبعث في أحساب قومها ومعناه أن تكون له عصبة وشوكة تمنعه عن أذى الكفّار حتّى يبلّغ رسالة ربّه ويتمّ مراد الله من إكمال دينه وملّته. ومن علاماتهم أيضا وقوع الخوارق لهم شاهدة بصدقهم وهي أفعال يعجز البشر عن مثلها فسمّيت بذلك معجزة وليست من جنس مقدور العباد وإنّما تقع في غير محلّ قدرتهم وللنّاس في كيفيّة وقوعها ودلالتها على تصديق الأنبياء خلاف فالمتكلّمون بناء على القول بالفاعل المختار قائلون بأنّها واقعة بقدرة الله لا بفعل النّبيّ وإن كانت أفعال العباد عند المعتزلة صادرة عنهم إلّا أنّ المعجزة لا تكون من جنس أفعالهم وليس للنّبيّ فيها عند سائر المتكلّمين إلّا التّحدّي بها بإذن الله وهو أن يستدلّ بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل وقوعها على صدقه في مدّعاه فإذا وقعت تنزّلت منزلة القول الصّريح من الله بأنّه صادق وتكون دلالتها حينئذ على الصّدق قطعيّة فالمعجزة الدّالّة بمجموع الخارق والتّحدّي ولذلك كان التّحدّي جزءا منها وعبارة المتكلّمين صفة نفسها وهو واحد لأنّه معنى الذّاتيّ عندهم والتّحدّي هو الفارق بينها وبين الكرامة والسّحر إذ لا حاجة فيهما إلى التّصديق فلا وجود للتّحدّي إلّا إن وجد اتّفاقا وإن وقع التّحدّي في الكرامة عند من يجيزها وكانت لها دلالة فإنّما هي على الولاية وهي غير النّبوة ومن هنا منع الأستاذ أبو إسحاق وغيره وقوع