قوله في الحديث الآخر: أنتم بنو آدم وآدم من التراب، وعضد ذلك باتفاق النسّابين على بعد المدّة بين عدنان وإسماعيل بحيث يستحيل في العادة أن يكون بينهما أربعة آباء أو خمسة أو عشرة إذ المدة أطول من هذا كله بكثير. وكان لعدنان من الولد على ما قال الطبري ستة: الربب وهو عكّ وعرق وبه سميت عرق اليمن وأدّ وأبيّ والضحّاك وعبق وأمهم مهدد، قال هشام بن محمد هي من جديس وقيل من طسم وقيل من الطواسيم من نسل لفشان بن إبراهيم.
قال الطبري: ولما قتل أهل حضورا شعيب بن مهدم نبيهم أوحى الله إلى إرميا وأبرخيا من أنبياء بني إسرائيل بأن يأمر بخت نصّر يغزو العرب ويعلماه أنّ الله سلّطه عليهم، وأن يحتملا معدّ بن عدنان إلى أرضهم ويستنقذاه من الهلكة لما أراده من شأن النبوة المحمديّة في عقبه، كما مرّ ذلك من قبل، فحملاه على البراق ابن اثنتي عشرة سنة وخلصا به إلى حرّان فأقام عندهما وعلّماه علم كتابهما، وسار بخت نصّر إلى العرب فلقيه عدنان فيمن اجتمع إليه من حضورا وغيرهم بذات عرق فهزمهم بخت نصّر وقتلهم أجمعين، ورجع إلى بابل بالغنائم والسبي وألقاها بالأنبار. ومات عدنان عقب ذلك وبقيت بلاد العرب خرابا حقبا من الدهر حتى إذا هلك بخت نصّر خرج معدّ في أنبياء بني إسرائيل إلى مكّة، فحجوا وحج معهم ووجد أخويه وعمومته من بني عدنان قد لحقوا بطوائف اليمن وتزوّجوا فيهم، وتعطّف عليهم أهل اليمن بولادة جرهم فرجّعهم إلى بلادهم، وسأل عمن بقي من أولاد الحرث بن مضاض الجرهميّ فقيل له بقي جرهم بن جلهة فتزوّج ابنته معانة وولدت له نزار بن معدّ.
وأمّا مواطن بني عدنان هؤلاء فهي مختصة بنجد، وكلها بادية رحّالة إلا قريشا بمكّة، ونجد هو المرتفع من جانبي الحجاز وطوله مسيرة شهر من أوّل السروات التي تلي اليمن إلى آخرها المطلة على أرض الشام مع طول تهامة، وأوّله في أرض الحجاز من جهة العراق العذيب مما يلي الكوفة وهو ماء لبني تميم، وإذا دخلت في أرض الحجاز فقد أنجدت، وأوّله من جهة تهامة الحجاز حضن ولذلك يقال أنجد من رأى حضنا. قال السهيليّ: وهو جبل متصل بجبل الطائف الّذي هو أعلى نجد تبيض فيه النسور، قال: وسكانه بنو جشم بن بكر وهو أوّل حدود نجد، وأرض تهامة من الحجاز في قرب نجد مما يلي بحر القلزم في سمت مكّة والمدينة وتيماء وأيلة وفي شرقها بينها وبين جبل نجد غير بعيد، منها العوالي وهي ما ارتفع عن هذه الأرض، ثم تعلوا