وأمّا نزار فمنه البطنان: العظيمان ربيعة ومضر، ويقال: إنّ إيادا يرجعون إلى نزار وكذلك أنمار، فأمّا ربيعة فديارهم ما بين الجزيرة والعراق وهم ضبيعة وأسد ابنا ربيعة، ومن أسد عنزة وجديلة ابنا أسد فعنزة بلادهم في عين التمر في برية العراق على ثلاثة مراحل من الأنبار ثم انتقلوا عنها إلى جهات خيبر فهم هنالك، وورثت بلادهم غزيّة من طيِّئ الذين لهم الكثرة والإمارة بالعراق لهذا العهد، ومن عنزة هؤلاء بإفريقية حي قليل مع رياح من بني هلال بن عامر، ومنهم أحياء مع طيِّئ ينتجعون ويشتون في برية نجد.
وأمّا جديلة فمنهم عبد القيس وهنب ابنا أفصى بن دعمي بن جدلة، فأمّا عبد القيس وكانت مواطنهم بتهامة ثم خرجوا إلى البحرين وهي بلاد واسعة على بحر فارس من غريبه، وتتصل باليمامة من شرقيها، وبالبصرة من شماليها، وبعمان من جنوبها، وتعرف ببلاد هجر ومنها القطيف وهجر والعسير وجزيرة أوال والأحساء، وهجر هي باب اليمن من العراق وكانت أيام الأكاسرة من أعمال الفرس وممالكهم وكان بها بشر كثير من بكر بن وائل وتميم في باديتها، فلما نزل معهم بنو عبد القيس زاحموهم في ديارهم تلك وقاسموهم في الموطن ووفدوا على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأسلموا، ووفد منهم المنذر بن عائذ بن المنذر بن الحارث بن النعمان بن زياد بن نصر ابن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن بكر، وذكروا أنه سيدهم وقائدهم إلى الإسلام فكانت له صحبة ومكانة من النبي صلى الله عليه وسلم. ووفد أيضا الجارود بن عمرو بن حنش بن المعلّى بن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن جذيمة، وثعلبة أخو عوف بن جذيمة وفد في عبد القيس سنة تسع مع المنذر بن ساوي من بني تميم وسيأتي ذكره، وكان نصرانيّا فأسلم وكانت له أيضا صحبة ومكانة. وكان عبد القيس هؤلاء من أهل الردّة بعد الوفاة، وأمّروا عليهم المنذر بن النعمان الّذي قتل كسرى أباه، فبعث إليهم أبو بكر بن العلا بن الحضرميّ في فتح البحرين وقتل المنذر. ولم تزل رياسة عبد القيس في بني الجارود أولا ثم في ابنه المنذر وولّاه عمر على البحرين ثم ولّاه على إصطخر، ثم عبد الله بن زياد ولّاه على الهند ثم ابنه حكيم بن المنذر وتردد على ولاية البحرين قبل ولاية العراق.