للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا بلغ عمر رضي الله عنه وقعة أبي عبيد بالجسر ندب الناس إلى المثنى، وكان فيمن ندب بجيلة وأمرهم إلى جرير بن عبد الله لأنه الّذي جمعهم من القبائل بعد أن كانوا مفترقين ووعده النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك وشغل عن ذلك أبو بكر بأمر الردّة ووفّى له عمر به وسيّره مددا للمثنى بالعراق، وبعث عصمة بن عبد الله الضبّي، وكتب إلى أهل الردّة بأن يوافوا المثنى وبعث المثنّى الرسل فيمن يليه من العرب، فوافوه [١] في جموع عظيمة حتى نصارى النمر جاءوه وعليهم أنس بن هلال، وقالوا: نقاتل مع قومنا. وبلغ الخبر إلى رستم والفيروزان فبعثا مهران الهمدانيّ إلى الحيرة والمثنى بين القادسية وخفان، فلما بلغه الخبر استبقى فرات باذقلا وكتب بالخبر إلى جرير وعصمة ان يقصدا العذيب مما يلي الكوفة، فاجتمعوا هنالك ومهران قبالتهم عدوة الفرات وتركوا له العبور فأجاز إليهم. وسار إليه المثنّى في التعبية وعلى مجنبتيه مهران مرزبان الحيرة من الأزدبة [٢] ومردان شاه، ووقف المثنى على الرايات يحرّض الناس فأعجلتهم فارس وخالطوهم وركدت حربهم واشتدت، ثم حمل المثنى على مهران فأزاله عن مركزه، وأصيب مسعود أخو المثنّى، وخالط المثنّى القلب ووثب المجنبات على المجنبات قبالتهم فانهزمت الفرس، وسبقهم [٣] المثنّى إلى الجسر فهربوا مصعدين ومنحدرين، واستلحمتهم خيول المسلمين وقتل فيها مائة ألف أو يزيدون، وأحصى مائة رجل من المسلمين قتل كل واحد منهم عشرة. وتبعهم المسلمون إلى الليل، وأرسل المثنّى في آثار الفرس، فبلغوا ساباط فغنموا وسبوا ساباط [٤] واستباحوا القرى وسخّروا السواد بينهم وبين دجلة لا يلقون مانعا. ورجع المنهزمون إلى رستم فاستهانوا ورضوا أن يتركوا ما وراء دجلة.

ثم خرج المثنّى من الحيرة واستخلف بشير بن الخصاصية وسار نحو السواد ونزل الليس من قرى الأنبار فسميت الغزاة، غزاة الأنبار الآخرة وغزاة الليس الآخرة، وجاءت إلى المثنّى عيون فدلته على سوق الخنافس وسوق بغداد، وأنّ سوق الخنافس أقرب ويجتمع بها تجّار المدائن والسواد وخفراؤهم ربيعة وقضاعة، فركب إليها وأغار عليها


[١] وفي النسخة الباريسية: فوافقه.
[٢] وفي نسخة اخرى: ابن الازاذبة
[٣] وفي النسخة الباريسية: وساقهم.
[٤] وفي النسخة الباريسية: فبلغوا السيب فغنموا وسبوا وبلغوا ساباط.

<<  <  ج: ص:  >  >>