بكير على ابن الأزادية فقتله وحملوا الأثقال والعروس في ثلاثين امرأة ومائة من التوابع ومعهم ما لا يعرف قيمته، ورجع بالغنائم فصبح سعد بالعذيب فقسّمه في المسلمين.
ولما رجع سعد إلى القادسية أقام بها شهرا يشنّ الغارات بين كسكر والأنبار ولم يأته خبر عن الفرس، وقد بلغت أخبارهم إلى يزدجرد وأنّ ما بين الحيرة والفرات قد نهب وخرّب، فأحضر رستم ودفعه لهذا الوجه، فتقاعد عنه وقال: ليس هذا من الرأي.
وبعث الجيوش يعقب بعضها بعضا أولى من مصادمة مرّة، فأبى يزدجرد إلا مسيره لذلك. فعسكر رستم بساباط وكتب سعد بذلك إلى عمر، فكتب إليه لا يكترثنك ما يأتيك عنهم واستعن باللَّه وتوكل عليه، وابعث رجالا من أهل الراي والجلد يدعونه فإن الله جاعل ذلك وهنا لهم.
فأرسل سعد نفرا منهم: النعمان بن مقرّن، وقيس بن زرارة [١] ، والأشعث بن قيس، وفرات بن حيّان وعاصم بن عمر، وعمرو بن معديكرب، والمغيرة بن شعبة، والمهنّى بن حارثة. فقدموا على يزدجرد وتركوا رستم، واجتمعوا واجتمع الناس ينظرون إليهم وإلى خيولهم ويردّوهم، فأحضرهم يزدجرد وقال لترجمانه:
سلهم ما جاء بكم وما أولعكم بغزونا وبلادنا من أجل أنا تشاغلنا عنكم اجترأتم علينا؟ فتكلّم النعمان بن مقرّن بعد أن استأذن أصحابه، وقال ما معناه: إنّ الله رحمنا وأرسل إلينا رسولا صفته كذا يدعونا إلى كذا ووعدنا بكذا فأجابه منّا قوم وتباعد قوم ثم أمر أن نجاهد من خالفه من العرب فدخلوا معه على وجهين مكره اغتبط وطائع ازداد حتى اجتمعنا عليه وعرفنا فضل ما جاء به ثم أمرنا بجهاد من يلينا من الأمم ودعائهم إلى الإنصاف فإن أبيتم فأمر أهون من ذلك وهو الجزية فإن أبيتم فالمناجزة، فقال يزدجرد: لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم وقد كان أهل الضواحي يكفونا أمركم ولا تطمعوا أن تقوموا للفرس فإن كان بكم جهد أعطيناكم قوتا وكسوناكم وملّكنا عليكم ملكا يرفق بكم.
فقال قيس بن زرارة: هؤلاء أشراف العرب والأشراف يستحيون من الأشراف وأنا أكلمك وهم يشهدون، فأمّا ما ذكرت من سوء الحال فكما وصفت وأشد ثم ذكر
[١] وفي نسخة ثانية: النعمان بن مقرن وبشر بن أبي أدهم وجملة من حيوة وحنظلة بن الربيع وعدي بن سهيل وعطارد بن حاجب والحرث بن حسّان والمغيرة بن زرارة.