للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عيش العرب ورحمة الله بهم بإرسال النبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ما قال النعمان إلخ. ثم قال له: اختر إمّا الجزية عن يد وأنت صاغر أو السيف وإلّا فنجّ نفسك بالإسلام. فقال يزدجرد: لو قتل أحد الرسل قبلي لقتلتكم. ثم استدعى بوقر من تراب وحمل على أعظمهم، وقال: ارجعوا إلى صاحبكم وأعلموه اني مرسل رستم حتى يدفنكم أجمعين في خندق القادسية ثم يدوّخ بلادكم أعظم من تدويخ سابور.

فقام عاصم بن عمر فحمل التراب على عنقه، وقال: أنا أشرف هؤلاء. ولما رجع إلى سعد فقال: أبشر فقد أعطانا الله تراب أرضهم وعجب رستم من محاورتهم، وأخبر يزدجرد بما قاله عاصم بن عمر، فبعث في أثرهم إلى الحيرة فأعجزوهم.

ثم أغار سواد بن مالك التميمي بعد مسير الوفد إلى يزدجرد على الفراض فاستاق ثلاثمائة دابة بين بغل وحمار وثور وآخرها سمكا وصبح بها العسكر، فقسّمه سعد في الناس، وواصلوا السرايا والبعوث لطلب اللحم، وأمّا الطعام فكان عندهم كثيرا. وسار رستم إلى ساباط في ستين ألفا وعلى مقدمته الجالنوس في أربعين ألفا وساقته عشرون ألفا وفي الميمنة الهرمزان وفي المسيرة مهران بن بهرام الرازيّ، وحمل معه ثلاثة وثلاثين فيلا ثمانية عشر في القلب وخمسة عشر في الجنبين. ثم سار حتى نزل كوثى، فأتى برجل من العرب، فقال له رستم: ما جاء بكم وما تطلبون؟ فقال: نطلب وعد الله بأرضكم وأبنائكم إن لم تسلموا. قال رستم: فإن قتلتم دون ذلك، قال من قتل دخل الجنة ومن بقي أنجزه الله وعده، قال رستم: فنحن إذا وضعنا في أيديكم، فقال: أعمالكم وضعتكم وأسلمكم الله بها فلا يغرنّك من ترى حولك فلست تحاول الناس [١] إنما تحاول القضاء والقدر. فغضب وأمر به فضربت عنقه.

وسار فنزل الفرس وفشا من عسكره المنكر وغصبوا الرعايا أموالهم وأبناءهم حتى نادى رستم منهم بالويل، وقال: صدق والله العربيّ. وأتى ببعضهم فضرب عنقه. ثم سار حتى نزل الحيرة ودعا أهلها فعزرهم [٢] وهمّ بهم، فقال له ابن بقيلة: لا تجمع علينا أن تعجز عن نصرتنا وتلومنا على الدفع عن أنفسنا، وأرسل سعد السرايا إلى السواد وسمع بهم رستم فبعث لاعتراضهم الفرس، وبلغ ذلك سعدا فأمدّهم بعاصم بن عمر فجاءهم وخيل فارس تحتوشهم، فلما رأوا عاصم هربوا، وجاء عاصم بالغنائم.


[١] وفي النسخة الباريسية: الأنس.
[٢] وفي النسخة الباريسية: وهددهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>