للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودار عبد الرحمن لياليه كلها يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يوافي المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس ويشيرهم إلى صبيحة الرابع، فأتى منزل المسوّر بن مخرمة وخلا فيه بالزبير وسعد أن يتركا الأمر لعلي أو عثمان [١] فاتفقا على عليّ، ثم قال له سعد بايع لنفسك وأرحنا فقال: قد خلعت لهم نفسي على أن أختار ولو لم أفعل ما أريدها [٢] . ثم استدعى عبد الرحمن عليا وعثمان فناجى كلّا منهما إلى أن رضوا بل إلى أن صلّوا الصبح ولا يعلم أحد ما قالوا. ثم جمع المهاجرين وأهل السابقة من الأنصار وأمراء الأجناد حتى غص المسجد بهم، فقال: أشيروا عليّ، فأشار عمّار بعلي ووافقه المقداد. فقال ابن أبي سرح: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان ووافقه عبد الله بن أبي ربيعة، فتفاوضا وتشاتما ونادى سعد: يا عبد الرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس. فقال: نظرت وشاورت فلا تجعلنّ أيها الرهط على أنفسكم سبيلا. ثم قال لعليّ: عليك عهد الله وميثاقه لتعلمنّ بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده، قال: أرجو أن أجتهد بل أن أفعل بمبلغ علمي وطاقتي. وقال لعثمان مثل ذلك فقال: نعم. فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان، وقال: اللَّهمّ اشهد أني قد جعلت ما في عنقي من ذلك في عنق عثمان فبايعه الناس. ثم قدم طلحة في ذلك اليوم فأتى عثمان، فقال له عثمان: أنت على الخيار في الأمر وإن أبيت رددتها. فقال: أكلّ الناس بايعوك؟ قال: نعم.

قال: رضيت، ولا أرغب عما أجمعوا عليه.

وكانت العجم بالمدينة يستروح بعضها الى بعض، ومرّ أبو لؤلؤة بالهرمزان وبيده الخنجر الّذي طعن به عمر فتناوله من يده وأطال النظر فيه ثم ردّه إليه، ومعهم جفينة نصرانيّ من أهل الحيرة. فلما طعن عمر من الغداة قال عبد الرحمن بن أبي بكر لعبيد الله بن عمر: اني رأيت هؤلاء الثلاثة يتناجون فلما رأوني افترقوا وسقط منهم هذا الخنجر، فعدا عبيد الله عليهم فقتلهم ثلاثتهم، وأمسكه سعد بن أبي وقاص وجاء به الى عثمان بعد البيعة وهو في المسجد فاشار عليّ بقتله، وقال عمرو بن العاص: لا يقتل عمر بالأمس ويقتل ابنه اليوم، فجعلها عثمان دية واحتملها وقال انا وليّه. ثم قال عثمان وصعد المنبر وبايعه الناس كافّة، وولّى لوقته سعد بن أبي


[١] وفي النسخة الباريسية: لعلي وعثمان.
[٢] وفي نسخة ثانية: على ان اختار ولم افعل ما أردتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>