ولحاهم وصلب بعضهم، وقيل وجدت الصحيفة بيد أبي الأعور السلميّ. فعاد المصريون وعاد معهم الكوفيون والبصريّون وقالوا لمحمد بن مسلمة حين سألهم: قد كلّمنا عليّا وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فوعدونا أن يكلموه فليحضر عليّ معنا عند عثمان. ثمّ دخل عليّ ومحمد على عثمان وأخبروه بقول أهل مصر فحلف ما كنت ولا علم. وقال محمد صدق هذا من عمل مروان. ودخل المصريون فشكى ابن عديس بابن أبي سرح وما أحدثه بمصر وأنه ينسب ذلك إلى كتاب عثمان وأنّا جئنا من مصر لقتلك فردّنا عليّ ومحمد وضمنا لنا النزوع عن هذا كله فرجعنا ولقينا هذا الكتاب وفيه أمرك لابن أبي سرح بجلدنا والمثلة بنا وطول الحبس وهو بيد علامك وعليه خاتمك، فحلف عثمان ما كتب ولا أمر ولا علم. قالوا: فكيف يجترأ عليك بمثل هذا فقد استحققت الخلع على التقديرين ولا يحل أن يولّى الأمور من ينتهي إلى هذا الضعف، فاخلع نفسك فقال: لا أنزع ما ألبسني الله ولكن أتوب وأرجع.
قال: رأيناك تتوب وتعود فلا بدّ من خلعك أو قتلك وقتال أصحابك دون ذلك أن يخلص إليك أو تموت، فقال: لا ينالكم أحد بأخرى [١] ولو أردت ذلك لاستجشت بأهل الأمصار. ثم كثر اللغط وأخرجوا ومضى عليّ إلى منزله، وحصر المصريون عثمان وكتب إلى معاوية وابن عامر يستحثّهم وقام يزيد بن أسد القسري فاستنفر أهل الشام وسار إلى عثمان وبلغهم قتله بوادي القرى، فرجعوا وقيل سار من الشام حبيب بن مسلمة ومن البصرة مجاشع بن مسعود فبلغهم قتله بالربذة فرجعوا.
وكانت بطانة عثمان أشاروا عليه أن يبعث إلى عليّ في كفّهم عنه على الوفاء لهم، فبعث إليه في ذلك فأجاب بعد توقف ثم بعث إليهم فقالوا لا بدّ لنا أن نتوثق منه وجاء فأعلمه وتوثق منه على أجل ثلاثة أيام، وكتب بينهم كتابا على ردّ المظالم وعزل من كرهوه من العمّال. ثم مضى الأجل وهو مستعدّ ولم يغير شيئا، فجاء المصريون من ذي خشب يستنجدون عهدهم فأبى فحصروه وأرسل إلى علي وطلحة والزبير وأشرف عليهم فحيّاهم ودعا لهم، ثم قال: «أنشدكم الله تعالى هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار لكم ويجمعكم على خيركم؟ أتقولون أنه لم يستجب لكم أو تقولون أن الله لم يبال بمن ولي هذا الدين أم تقولون أن الأمة ولوا مكابرة وعن غير مشورة فوكلهم إلى أمرهم أو لم يعلم عاقبة أمري، ثم أنشدكم الله
[١] وفي الكامل ج ٣ ص ١٧٠: فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل.