للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تعلمون لي من السوابق ما يجب حقه فمهلا فلا يحل إلّا قتل ثلاثة: زان بعد إحصان وكافر بعد إيمان وقاتل بغير حق ثم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لا يرفع الله عنكم الاختلاف» . فقالوا له: ما ذكرت من الاستخارة بعد عمر فكل ما صنع الله تعالى فيه الخيرة، ولكن الله ابتلى بك عباده وأمّا حقك وسابقتك فصحيح، لكن أحدثت ما علمت ولا نترك إقامة الحق مخافة الفتنة عاما قابلا، وأمّا حصر القتل في الثلاثة ففي كتب الله قتل من سعى في الأرض فسادا ومن قاتل على البغي وعلى منع الحق والمكابرة عليه، وأنت إنّما تمسكت بالإمارة علينا وإنّما قاتل دونك هؤلاء لهذه التسمية فلو نزعتها انصرفوا. فسكت عثمان ولزم الدار وأقسم على الناس بالانصراف فانصرفوا إلّا الحسن بن عليّ ومحمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير.

وكانت مدّة انحصاره أربعين يوما، ولثمان عشرة منها وصل الخبر بمسير الجنود من الأمصار فاشتد الانحصار ومنعوه من لقاء الناس ومن الماء، وأرسل إلى عليّ وطلحة والزبير وأمّهات المؤمنين يطلب الماء فركب علي إليهم مغلسا، وقال: يا أيها الناس إن هذا لا يشبه أمر المؤمنين ولا الكافرين وإنما الأسير عند فارس والروم يطعم ويسقى.

فقالوا: لا والله ونعمة عين. فرجع وجاءت أمّ حبيبة على بغلتها مشتملة على إداوة وقالت: أردت أن أسأل هذا الرجل عن وصايا عنده لبني أمية أو تهلك أموال أيتامهم وأراملهم، فقالوا: لا والله، وضربوا وجه البغلة فنفرت وكادت تسقط عنها وذهب بها الناس إلى بيتها.

وأشرف عليهم عثمان وقرّر حقوقه وسوابقه فقال بعضهم مهلا عن أمير المؤمنين، فجاء الأشتر وفرّق الناس وقال: لا يمكر بكم. ثم خرجت عائشة إلى الحج ودعت أخاها فأبى، فقال له حنظلة الكاتب: تدعوك أم المؤمنين فلا تتبعها وتتبع سفهاء العرب فيما لا يحل ولو قد صار الأمر إلى الغلبة غلبك عليه بنو عبد مناف. ثم ذهب حنظلة إلى الكوفة وبلغ طلحة والزبير ما لقي عليّ وأمّ حبيبة فلزموا بيوتهم. وكان آل حزم يدسون الماء إلى بيت عثمان في الغفلات، وكان ابن عبّاس ممن لزم باب عثمان للمدافعة فأشرف عليه عثمان وأمره أن يحجّ بالناس، فقال: جهاد هؤلاء أحب إليّ، فأقسم عليه وانطلق.

ولما رأى أهل مصر أن أهل الموسم يريدون قصدهم، وأنّ أهل الأمصار يسيرون إليهم اعتزموا على قتل عثمان رضي الله عنه يرجون في ذلك خلاصهم واشتغال الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>