عنهم، فقاموا إلى الباب ليقتحموه فمنعهم الحسن بن عليّ وابن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان وسعيد بن العاص ومن معهم من أبناء الصاحبة وقاتلوهم وغلبوهم دون الباب، ثم صدهم عثمان عن القتال وحلف ليدخلنّ فدخلوا وأغلق الباب فجاءوا بالنار وأحرقوه، ودخلوا وعثمان يصلّي وقد افتتح سورة طه، وقد سار أهل الدار فما شغله شيء من أمرهم حتى فرغ وجلس إلى المصحف يقرأ فقرأ:«الَّذِينَ قال لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ٣: ١٧٣» . ثم قال لمن عنده إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إليّ عهدا فأنا صابر عليه، ومنعهم من القتال وأذن للحسن في اللحاق بأبيه وأقسم عليه فأبى وقاتل دونه، وكان المغيرة بن الأخنس بن شريق قد تعجّل من الحج في عصابة لنصره فقاتل حتى قتل. وجاء أبو هريرة ينادي يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار وقاتل، ثم اقتحمت الدار من ظهرها من جهة دار عمرو بن حزم فامتلأت قوما ولا يشعر الذين بالباب، وانتدب رجل فدخل على عثمان في البيت فحاوره في الخلع فأبى فخرج، ودخل آخر ثم آخر كلهم يعظه فيخرج ويفارق القوم، وجاء ابن سلّام فوعظهم فهموا بقتله، ودخل عليه محمد بن أبي بكر فحاوره طويلا بما لا حاجة إلى ذكره ثم استحيا وخرج. ثم دخل عليه السفهاء فضربه أحدهم وأكبت عليه نائلة امرأته تتقي الضرب بيدها فنفحها أحدهم بالسيف في أصابعها. ثم قتلوه وسال دمه على المصحف، وجاء غلمانه فقتلوا بعض أولئك القاتلين وقتلاء أخر، وانتبهوا ما في البيت وما على النساء حتى نائلة، وقتل الغلمان منهم وقتلوا من الغلمان، ثم خرجوا إلى بيت المال فانتهبوه، وأرادوا قطع رأسه فمنعهم النساء فقال ابن عديس: اتركوه. ويقال إن الّذي تولى قتله كنانة بن بشر التجيبي وطعنه عمرو بن الحمق طعنات، وجاء عمير بن ضابيء وكان أبوه مات في سجنه فوثب عليه حتى كسر ضلعا من أضلاعه. وكان قتله لثمان عشرة خلت من ذي الحجة وبقي في بيته ثلاثة أيام.
ثم جاء حكيم بن حزام وجبير بن مطعم إلى علي فأذن لهم في دفنه، فخرجوا به بين المغرب والعشاء ومعهم الزبير والحسن وأبو جهم بن حذيفة ومروان فدفنوه في حشّ كوكب [١] ، وصلى عليه جبير وقيل مروان وقيل حكيم، ويقال: إنّ ناسا تعرّضوا لهم