للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعراب إلى بردهم، فأبوا وتدامرت معهم السبئية، وجاءه طلحة والزبير فقالا:

دعنا نأتي البصرة والكوفة فنستنفر الناس فأمهلهما. وجاء المغيرة فأشار عليه باستبقاء العمّال حتى يستقرّ الأمر ويستبدلوا بمن شاء فأمهله، ورجع من الغد فأشار بمعاجلة الاستبدال، وجاءه ابن عبّاس فأخبره بخبر المغيرة، فقال: نصحك أمس وغشّك اليوم.

قال: فما الرأي؟ قال: كان الرأي أن تخرج عند قتل الرجل إلى مكة وأمّا اليوم فإنّ بني أميّة يشبّهون على الناس بأن يلجموك طرفا من هذا الأمر ويطلبون ما طلب أهل المدينة في قتلة عثمان فلا يقدرون عليهم والأمر أن تقرّ معاوية. فقال علي رضي الله عنه: والله لا أعطيه إلّا السيف. فقال له ابن عبّاس: أنت رجل شجاع لست صاحب رأيي في الحرب أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحرب خدعة. قال: بلى! فقال ابن عبّاس: أمّا والله إن أطعتني لأتركنهم ينظرون في دبر الأمور ولا يعرفون ما كان وجهها من غير نقصان عليك ولا إثم لك. فقال: يا ابن عبّاس لست من هنيّاتك ولا هنيّات معاوية في شيء [١] . فقال ابن عبّاس: أطعني والحق بمالك بينبع وأغلق بابك عليك فإنّ العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك، وإن نهضت مع هؤلاء القوم يحمّلك الناس دم عثمان غدا. فأبى عليّ وقال: أشر عليّ وإذا خالفتك أطعني. قال: أيسر مالك عندي الطاعة. قال:

فسر إلى الشام فقد وليكتها. قال: إذا يقتلني معاوية بعثمان أو يحبسني فيتحكم عليّ لقرابتي منك ولكن أكتب إليه وعده فأبى. وكان المغيرة يقول نصحته فلم يقبل.

فغضب ولحق بمكة.

ثم فرّق على العمّال على الأمصار فبعث على البصرة عثمان بن حنيف، وعلى الكوفة عمارة بن شهاب بن المهاجرين، وعلى اليمن عبيد الله بن عبّاس، وعلى مصر قيس بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف. فمضى عثمان إلى البصرة واختلفوا عليه فأطاعته فرقة وقال آخرون: ما يصنع أهل المدينة فنقتدي بهم، ومضى عمارة إلى الكوفة فلما بلغ زبالة لقي طليحة بن خويلد فقال له: ارجع فإنّ اليوم لا يستبدلون بأبي موسى وإلّا ضربت عنقك، ومضى ابن عبّاس إلى اليمن فجمع يعلى بن منيّة [٢] مال الجباية


[١] وفي النسخة الباريسية: لست من سنامك ولا سنامك معاوية في شيء.
- وفي الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٩٨: لست من هناتك ولا هنات معاوية في شيء.
- وفي الطبري ج ٥ ص ١٦١: لست من هنيئتك وهنيئات معاوية في شيء.
[٢] وفي النسخة الباريسية: بن حقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>