للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج به إلى مكة ودخل عبيد الله إلى اليمن، ومضى قيس بن سعد إلى مصر ولقيه بأيلة خيّالة من أهل مصر فقالوا: من أنت؟ قال: قيس بن سعد من فلّ عثمان أطلب من آوي إليه وأنتصر به. ومضى حتى دخل مصر وأظهر أمره فافترقوا عليه فرقة كانت معه وأخرى تربصوا حتى يروا فعله في قتلة عثمان. ومضى سهل بن حنيف إلى الشام حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل فقال لهم: أنا أمير على الشام، قالوا إن كان بعثك غير عثمان فارجع فرجع.

فلمّا رجع وجاءت أخبار الآخرين دعا عليّ طلحة والزبير وقال قد وقع ما كنت أحذركم. فسألوه الإذن في الخروج من المدينة وكتب عليّ إلى أبي موسى مع معبد [١] الأسلمي فكتب إليه بطاعة أهل الكوفة وببيعتهم ومن الكاره منهم والراضي حتى كأنه يشاهد. وكتب إلى معاوية مع سبرة الجهنيّ فلم يجبه إلى ثلاثة أشهر من مقتل عثمان، ثم دعا قبيصة من عبس وأعطاه كتابا مختوما عنوانه من معاوية إلى عليّ وأوصاه بما يقول وأعاده مع رسول عليّ، فقدما في ربيع الأوّل ودخل العبسيّ وقد رفع الطومار كما أمره حتى دفعه إلى علي، ففضه فلم يجد فيه كتابا فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال نعم قال تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود قال: وممن؟

قال منك وتكرت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان منصوبا على منبر دمشق.

فقال: اللَّهمّ اني أبرأ إليك من دم عثمان! قد نجا والله قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله. ثم ردّه إلى صاحبه وصاحت السبئيّة اقتلوا هذا الكلب وافد الكلاب، فنادى يا آل مضريا لقيس أحلف باللَّه ليردّنها عليكم أربعة آلاف خصيّ فانظروا كم الفحول والركاب وتقاووا عليه، فمنعته مضر ودسّ أهل المدينة على عليّ من يأتيهم برأيه في القتال وهو زياد بن حنظلة التميمي وكان منقطعا إليه فجالسه ساعة فقال له عليّ: سيروا لغو الشام. فقال لعليّ: الأناة والرّفق أمثل فتمثل يقول:

متى تجمع القلب الذكيّ وصارما ... وأنفا حميا تجتنبك المظالم

فعلم أنّ رأيه القتال [٢] ثم جاء إلى القوم الذين دسوه فأخبرهم ثم استأذنه طلحة والزبير في العمرة ولحقا بمكّة. ثم اعتزم على الخروج إلى الشام ودعا أهل المدينة إلى قتالهم.


[١] وفي النسخة الباريسية: فهد.
[٢] وفي الطبري ج ٥ ص ١٦٣: «فخرج زياد على الناس والناس ينتظرونه فقالوا: ما وراءك؟ فقال: السيف يا قوم. فعرفوا ما هو فاعل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>