للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحملان فحملوا على ستمائة بعير وساروا في ألف من أهل مكة ومن أهل المدينة وتلاحق بهم الناس فكانوا ثلاثة آلاف، وبعثت أمّ الفضل وأمّ عبد الله بن عبّاس بالخبر استأجرت على كتابها من أبلغه عليّا، ونهضت عائشة ومن معها، وجاء مروان بن الحكم إلى طلحة والزبير فقال: على أيّكما أسلّم بالإمرة وأؤذن بالصلاة، فقال ابن الزبير على أبي، وقال ابن طلحة على أبي، فأرسلت عائشة إلى مروان تقول له أتريد أن تفرّق أمرنا ليصلّ بالناس ابن أختي [١] تعني عبد الله بن الزبير.

وودّع أمهات المؤمنين عائشة من ذات عرق باكيات، وأشار سعيد بن العاص على مروان بن الحكم وأصحابه بإدراك ثأرهم من عائشة وطلحة والزبير. فقالوا نسير لعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا. ثم جاء إلى طلحة والزبير فقال: لمن تجعلان الأمر إن ظفرتما؟ قالا: لأحدنا الّذي تختاره الناس، فقال: بل اجعلوه لولد عثمان لأنكم خرجتم تطلبون بدمه فقالا: وكيف ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم؟ قال:

فلا أراني أسعى إلّا لإخراجها من بني عبد مناف فرجع، ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد ووافقه المغيرة بن شعبة ومن معه من ثقيف فرجعها، ومضى القوم ومعهم أبان والوليد ابنا عثمان. وأركب يعلى بن منيّة عائشة جملا اسمه عسكر اشتراه بمائة دينار وقيل بثمانين، وقيل بل كان لرجل من عرينة عرض لهم بالطريق على جمل فاستبدلوا به جمل عائشة على ان حمله بألف فزادوه أربعمائة درهم، وسألوه عن دلالة الطريق فدلهم ومرّ بهم على الماء الحوأب فنبحتهم كلابه. وسألوه عن الماء فعرّفهم باسمه.

فقالت عائشة: ردّوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه: ليت شعري أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب، ثم ضربت عضد بعيرها [٢] فأناخته وأقامت بهم يوما وليلة إلى أن قيل النجاء النجاء قد أدرككم عليّ، فارتحلوا نحو البصرة فلما كانوا بفنائها لقيهم عمير بن عبد الله التميمي، وأشار بأن يتقدّم عبد الله بن عامر إليهم فأرسلته عائشة وكتبت معه إلى رجال من البصرة، إلى الأحنف بن قيس وسمرة وأمثالهم، وأقامت بالحفّين [٣] تنتظر الجواب، ولما بلغ ذلك أهل البصرة دعا عثمان بن حنيف عمران بن حصين وكان رجلا عامّة، وأبا الأسود الدؤليّ وكان


[١] وفي النسخة الباريسية: ابن أخي.
[٢] وفي النسخة الباريسية: غضب بعيرها.
[٣] لعلها: حفير وهو موضع بين مكة والمدينة وعن ابن دريد: بين مكة والبصرة (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>