للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلا خاصّة، وقال: انطلقا إلى هذه المرأة فاعلما علمها وعلم من معها. فجاءاها بالحفين وقالا: إنّ أميرنا بعثنا نسألك عن مسيرك؟ فقالت: إنّ الغوغاء ونزاع القبائل فعلوا ما فعلوا فخرجت في المسلمين أعلمهم بذلك وبالذي فيه الناس ورائنا وما ينبغي من إصلاح هذا الأمر. ثم قرأت لا خَيْرَ في كَثِيرٍ من نَجْواهُمْ ٤: ١١٤ الآية. ثم عدلا عنها إلى طلحة فقالا: ما أقدمك؟ قال: الطلب بدم عثمان. فقالا: ألم تبايع عليّا؟ قال: بلى والسيف على رأسي وما أستقبل على البيعة إن هو لم يخل بيننا وبين قتلة عثمان. وقال لهما الزبير مثل ذلك، ورجعا إلى عثمان بن حنيف فاسترجع وقال:

دارت رحى الإسلام وربّ الكعبة، ثم قال أشيروا عليّ، فقال عمران: اعتزل.

قال بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين. فجاءه هشام بن عامر فأشار عليه بالمسالمة والمسامحة حتى يأتي أمر عليّ، فأبى ونادى في الناس فلبس السلاح ثم دسّ من يتكلم في الجمع ليرى ما عندهم، فقال رجل: إنّ هؤلاء القوم إن كانوا جاءوا خائفين فبلدهم يأمن فيه الطير وان جاءوا لدم عثمان فما نحن بقتلته فأطيعوني وردّوهم من حيث جاءوا. فقال الأسود بن سريع السعدي: إنما جاءوا يستعينون بنا على قتلته منا ومن غيرنا. فحصبه الناس فعرف عثمان أنّ لهم بالبصرة ناصرا وكسره ذلك كلّه.

وانتهت عائشة ومن معها إلى المربد، وخرج إليها عثمان فيمن معه وحضر أهل البصرة، فتكلّم طلحة من الميمنة: فحمد الله وذكر عثمان وفضله ودعا إلى الطلب بدمه وحثّ عليه، وكذلك الزبير فصدقهما أهل الميمنة. وقال أصحاب عثمان من الميسرة: بايعتم عليّا ثم جئتم تقولون. ثم تكلمت عائشة وقالت: «كان الناس يتجنّون على عثمان ويأتوننا بالمدينة فنجدهم فجرة ونجده برّا تقيا وهم يحاولون غير ما يظهرون، ثم كثروا واقتحموا عليه داره وقتلوه واستحلّوا المحرّمات بلا ترة ولا عذر، ألا وأنّ مما ينبغي لكم ولا ينبغي غيره أخذ قتلة عثمان واقامة كتاب الله» ثم قرأت «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً من الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ٣: ٢٣» الآية.

فاختلف أصحاب عثمان عليه ومال بعضهم إلى عائشة، ثم افترق الناس وتحاصبوا وانحدرت عائشة إلى المربد، وجاءها جارية [١] بن قدامة السعدي فقال: «يا أم المؤمنين والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة السلاح، إنّه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك وأنّه من


[١] وفي النسخة الباريسية: حارثة

<<  <  ج: ص:  >  >>