للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغلب السفهاء فقتلوه. فقالوا لطلحة قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا! قال الزبير:

أمّا أنا فلم أكاتبكم، وأخذ يرمي عليّا بقتل عثمان فقال رجل من عبد القيس: يا معشر المهاجرين أنتم أوّل من أجاب داعي الإسلام وكان لكم بذلك الفضل، ثم استخلفتم مرارا ولم تشاورونا، وقتلتم كذلك، ثم بايعتم عليّا وجئتم تستعدوننا عليه فماذا الّذي نقمتم عليه؟ فهموا بقتله ومنعته عشيرته، ثم وثبوا من الغد على قتل عثمان ومن معه فقتلوا منهم سبعين.

وبلغ حكيم بن جبلة ما فعل بعثمان بن حنيف فجاء لنصره في جماعة من عبد القيس، فوجد عبد الله بن الزبير فقال له: ما شأنك؟

قال: تخلوا عن عثمان وتقيمون على ما كنتم حتى يقدم عليّ ولقد استحللتم الدم الحرام تزعمون الطلب بثأر عثمان وهم لم يقتلوه. ثم ناجزهم الحرب في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين، وأقام حكيم أربعة قوّاد فكان هو بحيال طلحة، وذريح بحيال الزبير، وابن المحرش بحيال عبد الرحمن بن عتاب، وحرقوص بن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحرث بن هشام. وتزاحفوا واستحرّ القتل فيهم حتى قتل كثير منهم وقتل حكيم وذريح، وأفلت حرقوص في فلّ من أصحابه إلى قومهم بني سعد، وتتبعوهم بالقتل وطالبوا بني سعد بحرقوص وكانوا عثمانية [١] ، فاعتزلوا وغضبت عبد القيس كلهم والكثير من بكر بن وائل، وأمر طلحة والزبير بالعطاء في أهل الطاعة لهما، وقصدت عبد القيس وبكر بيت المال فقاتلوهم ومنعوهم، وكتب عائشة إلى أهل الكوفة بالخبر [٢] وأمرتهم أن يثبطوا الناس عن عليّ وأن يقدموا بدم عثمان، وكتبت بمثل ذلك الى اليمامة والمدينة.

ولنرجع إلى خبر عليّ وقد كان لمّا بلغه خبر طلحة والزبير وعائشة ومسيرهم إلى البصرة دعا أهل المدينة للنصرة وخطبهم، فتثاقلوا أوّلا وأجابه زياد بن حنظلة وأبو الهيثم وخزيمة بن ثابت وليس بذي الشهادتين وأبو قتادة في آخرين، وبعثت أم سلمة معه ابن عمّها وخرج يسابق طلحة والزبير إلى البصرة ليردّهما، واستخلف على المدينة تمام ابن عبّاس وقيل سهل بن حنيف، وعلى مكّة قثم بن عباس، وسار في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين، وسار معه من نشط من الكوفيين والمصريين متخففين في تسعمائة، ولقيه عبد الله بن سلام فأخذ بعنانه وقال يا أمير المؤمنين: لا تخرج منها فو الله إن


[١] أي من اتباع الخليفة عثمان.
[٢] وفي النسخة الباريسية: بالفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>