للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت منهما لا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا. فبدر الناس إليه، فقال: دعوه فنعم الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وسار فانتهى الى الرَّبَذَة، وجاء خبر سبقهم إلى البصرة فأقام يأتمر بما يفعل ولحقه ابنه الحسن وعذله في خروجه وما كان من عصيانه إيّاه، فقال: ما الّذي عصيتك فيه حين أمرتني؟ قال: أمرتك أن تخرج عند حصار عثمان من المدينة ولا تحضر لقتله، وثم عند قتله ألا تبايع حتى تأتيك وفود العرب وبيعة الأمصار، ثم عند خروج هؤلاء أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا. فقال: أمّا الخروج من المدينة فلم يكن إليه سبيل وقد كان أحيط بنا كما أحيط بعثمان، وأمّا البيعة فخفنا ضياع الأمر والحل والعقد لأهل المدينة لا للعرب ولا للأمصار ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحق بالأمر بعده فبايع الناس غيري واتبعتهم في أبي بكر وعمر وعثمان فقتلوه وبايعوني طائعين غير مكرهين، فأنا أقاتل من خالف بمن أطاع إلى أن يحكم الله وهو خير الحاكمين، وأمّا القعود عن طلحة والزبير فإذا لم انظر فيما يلزمني من هذا الأمر فمن ينظر فيه؟. ثم أرسل إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر يستنفران الناس، وأقام بالربذة يحرّض الناس وأرسل إلى المدينة في أداته وسلاحه، وقال له بعض أصحابه عرّفنا بقصدك من القوم؟ قال: الإصلاح إن قبلوه وإلّا ننظرهم وان بادرونا امتنعنا.

ثم جاءه جماعة من طيِّئ نافرين معه فقبلهم وأثنى عليهم. ثم سار من الرَّبَذَة وعلى مقدمته أبو ليلى بن عمرو بن الجرّاح، ولما انتهى الى فيد أتته أسد وطيِّئ وعرضوا عليه النفير معه، فقال: الزموا قراركم ففي المهاجرين كفاية. ولقيه هنالك رجل من أهل الكوفة من بني شيبان فسأله عن أبي موسى، فقال إن أردت الصلح فهو صاحبه، وان أردت القتال فليس بصاحبه. فقال: والله ما أريد إلّا الصلح حتى يردّ علينا. ثم انتهى إلى الثعلبية والأساد، فبلغه ما لقي عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة، ثم جاء بذي قار عثمان بن حنيف وأراه ما بوجهه، فقال: «أصبت أجرا وخيرا إنّ الناس وليهم قبلي رجلان فعملا بالكتاب ثم ثالث فقالوا وفعلوا ثم بايعوني ومنهم طلحة والزبير ثم نكثا وألّبا عليّ. ومن العجب انقيادهما لأبي بكر وعمر وعثمان وخلافهما عليّ! والله إنهما ليعلمان اني لست دونهم» . ثم أخذ في الدعاء عليهما وابن وائل هنالك يعرضون عليه النفير فأجابهم مثل طيِّئ وأسد، وبلغه خروج عبد القيس على طلحة والزبير فأثنى عليهم. وأمّا محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر فبلغا إلى الكوفة

<<  <  ج: ص:  >  >>